صفحة جزء
[ ص: 534 ] ذكر الحرب بين عبادة وخفاجة

في هذه السنة ، في ربيع الأول ، كانت حرب بين عبادة وخفاجة ، فظفرت عبادة ، وأخذت بثأرها من خفاجة .

وكان سبب ذلك أن سيف الدولة صدقة أرسل ولده بدران في جيش إلى طرف بلاده مما يلي البطيحة ليحميها من خفاجة لأنهم يؤذون أهل تلك النواحي ، فقربوا منه ، وتهددوا أهل البلاد ، فكتب إلى أبيه يشكو منهم ، ويعرفه حالهم ، فأحضر عبادة ، وكانت خفاجة قد فعلت بهم العام الماضي ما ذكرناه ، فلما حضروا عنده قال لهم ليتجهزوا مع عسكره ، ليأخذوا بثأرهم من خفاجة ، فساروا في مقدم عسكره ، فأدركوا حلة من خفاجة من بني كليب ليلا ، وهم غارون ، لم يشعروا بهم ، فقالوا : من أنتم ؟ فقالت عبادة : نحن أصحاب لديون ، فعلموا أنهم عبادة ، فقاتلوهم ، وصبرت خفاجة ، فبينما هم في القتال إذ سمع طبل الجيش ، فانهزموا ، وقتلت منهم عبادة جماعة ، وكان فيهم عشرة من وجوههم ، وتركوا حرمهم ، فأمر صدقة بحراستهن وحمايتهن ، وأمر العسكر أن يؤثروا عبادة بما غنموه من أموال خفاجة ، خلفا لهم عما أخذ منهم في العام الماضي .

وأصاب خفاجة من مفارقة بلادها ، ونهب أموالها ، وقتل رجالها ، أمر عظيم ، وانتزحت إلى نواحي البصرة ، وأقامت عبادة في بلاد خفاجة .

ولما انهزمت خفاجة وتفرقت ونهبت أموالها ، جاءت امرأة منهم إلى الأمير صدقة ، فقالت له : إنك سبيتنا ، وسلبتنا قوتنا ، وغربتنا ، وأضعت حرمتنا ، قابلك الله في نفسك ، وجعل صورة أهلك كصورتنا ، فكظم الغيظ واحتمل لها ذلك ، وأعطاها أربعين جملا ، ولم يمض غير قليل حتى قابل الله صدقة في نفسه وأولاده ، فإن دعاء الملهوف عند الله بمكان .

التالي السابق


الخدمات العلمية