ذكر 
حصر  جاولي  سقاوو الموصل  وموت  جكرمش  
لما انهزم العسكر ، وأسر  
جكرمش  ، وصل الخبر إلى 
الموصل  ، فأقعدوا في الأمر  
زنكي بن جكرمش  ، وهو صبي عمره إحدى عشرة سنة ، وخطبوا له ، وأحضروا أعيان البلد ، والتمسوا منهم المساعدة ، فأجابوا إلى ذلك . 
وكان مستحفظ القلعة مملوكا  
لجكرمش  اسمه  
غزغلي  ، فقام في ذلك المقام المرضي ، وفرق الأموال التي جمعها  
جكرمش  ، والخيول ، وغير ذلك على الجند ، وكاتب  
 nindex.php?page=showalam&ids=16151سيف الدولة صدقة  ،  
وقلج أرسلان  ،  
والبرسقي  ، شحنة 
بغداذ  ، بالمبادرة إليهم ، ومنع  
جاولي  منهم ، ووعدوا كلا منهم أن يسلموا البلد إليه . 
فأما  
صدقة  فلم يجبهم إلى ذلك ، ورأى طاعة السلطان ، وأما  
البرسقي  وقلج أرسلان  فنذكر حالهما . 
ثم إن  
جاولي  حصر 
الموصل  ، ومعه  
كرماوي بن خراسان التركماني  ، وغيره من الأمراء ، وكثر جمعه ، وأمر أن يحمل  
جكرمش  كل يوم على بغل وينادي أصحابه 
بالموصل  ليسلموا البلد ويخلصوا صاحبهم مما هو فيه ، ويأمرهم هو بذلك ، فلا   
[ ص: 537 ] يسمعون منه ، وكان يسجنه في جب ، ويوكل به من يحفظه لئلا يسرق ، فأخرج في بعض الأيام ميتا ، وعمره نحو ستين سنة ، وكان شأنه قد علا ، ومنزلته قد عظمت ، وكان قد شيد سور 
الموصل  وقواه ، وبنى عليها فصيلا ، وحفر خندقها ، وحصنها غاية ما يقدر عليه . 
وكان مع  
جكرمش  رجل من أعيان 
الموصل  يقال له  
أبو طالب بن كسيرات  ، 
وبنو كسيرات  إلى الآن 
بالموصل  من أعيان أهلها ، وكان  
أبو طالب  قد تقدم عند  
جكرمش  ، وارتفعت منزلته ، واستولى على أموره ، وحضر معه الحرب ، فلما أسر  
جكرمش  هرب  
أبو طالب  إلى 
إربل  ، وكان أولاد  
أبي الهيجاء  ، صاحب 
إربل  ، قد حضروا الحرب مع  
جكرمش  ، وأسرهم  
جاولي  ، فأرسل إلى  
أبي الهيجاء  يطلب  
ابن كسيرات  ، فأطلقه وسيره إليه ، فأطلق  
جاولي  ابن أبي الهيجاء  ، فلما حضر  
ابن كسيرات  عند  
جاولي  ضمن له فتح 
الموصل  وبلاد  
جكرمش  ، وتحصيل الأموال ، فاعتقله اعتقالا جميلا . 
وكان قاضي 
الموصل  أبو القاسم بن ودعان  عدوا  
لأبي طالب  ، فأرسل إلى  
جاولي  يقول له : إن قتلت  
أبا طالب  سلمت 
الموصل  إليك ، فقتله وأرسل رأسه إليه ، فأظهر الشماتة به ، وأخذ كثيرا من أمواله وودائعه ، فثار به 
الأتراك  غضبا  
لأبي طالب  ولتفرده بما أخذ من أمواله ، فقتلوه ، وكان بينهما شهر واحد ، وقد رأينا كثيرا ، وسمعنا ما لا نحصيه من قرب وفاة أحد المتعاديين بعد صاحبه .