ذكر 
استيلاء المصريين  على عسقلان  
كانت 
عسقلان  للعلويين 
المصريين  ، ثم إن الخليفة الآمر بأحكام الله استعمل عليها إنسانا يعرف بشمس الخلافة ، فراسل  
بغدوين  ملك 
الفرنج  بالشام  ، وهادنه ، وأهدى إليه مالا وعروضا ، فامتنع به من أحكام 
المصريين  عليه . إلا فيما يريد من غير مجاهرة بذلك . 
فوصلت الأخبار بذلك إلى الآمر بأحكام الله ، صاحب 
مصر  ، وإلى وزيره الأفضل ، أمير الجيوش ، فعظم الأمر عليهما ، وجهزا عسكرا وسيراه إلى 
عسقلان  مع قائد كبير من قواده ، وأظهرا أنه يريد الغزاة ، ونفذا إلى القائد سرا أن يقبض على شمس الخلافة إذا حضر عندهم ، ويقيم هو عوضه 
بعسقلان  أميرا . فسار العسكر ، فعرف شمس الخلافة الحال ، فامتنع من الحضور عند العسكر المصري ، وجاهر بالعصيان ، وأخرج من كان عنده من عسكر 
مصر  خوفا منهم . 
فلما عرف الأفضل ذلك خاف أن يسلم 
عسقلان  إلى 
الفرنج  ، فأرسل إليه وطيب قلبه ، وسكنه . وأقره على عمله ، وأعاد عليه إقطاعه 
بمصر    . 
ثم إن شمس الخلافة خاف أهل 
عسقلان  ، فأحضر جماعة من 
الأرمن  واتخذهم جندا ، ولم يزل على هذه الحال إلى آخر سنة أربع وخمسمائة ، فأنكر الأمر أهل البلد ، فوثب به قوم من أعيانه ، وهو راكب ، فجرحوه ، فانهزم منهم إلى داره ، فتبعوه وقتلوه ، ونهبوا داره وجميع ما فيها ، ونهبوا بعض دور غيره من أرباب الأموال بهذه الحجة ، وأرسلوا إلى 
مصر  بجلية الحال إلى الآمر والأفضل ، فسرا بذلك ، وأحسنا إلى الواصلين بالبشارة ، وأرسلا إليه واليا يقيم بها ، ويستعمل مع أهل البلد الإحسان وحسن السيرة ، فتم ذلك ، وزال ما كانوا يخافونه .