صفحة جزء
ذكر عدة حوادث

في هذه السنة انقطع الغيث ، وعدمت الغلات في كثير من البلاد ، وكان أشده بالعراق ، فغلت الأسعار ، وأجلى أهل السواد ، وتقوت الناس بالنخالة ، وعظم الأمر على أهل بغداذ بما كان يفعله منكبرس بهم .

وفيها أسقط المسترشد بالله من الإقطاع المختص به كل جور ، وأمر أن لا يؤخذ إلا ما جرت به العادة القديمة ، وأطلق ضمان غزل الذهب ، وكان صناع السقلاطون ، والممزج ، وغيرهم ممن يعمل منه ، يلقون شدة من العمال عليها ، وأذى عظيما .

[ ص: 635 ] وفيها تأخر مسير الحجاج تأخرا أرجف بسببه بانقطاع الحج من العراق فرتب الخليفة الأمير نظر ، خادم أمير الجيوش يمن ، وولاه من أمر الحج ما كان يتولاه أمير الجيوش ، وأعطاه من المال ما يحتاج إليه في طريقه ، وسيره ، فأدركوا الحج وظهرت كفاية نظر .

وفيها وصل مركبان كبيران فيهما قوة ونجدة للفرنج بالشام ، فغرقا ، وكان الناس قد خافوا ممن فيهما .

وفيها وصل رسول إيلغازي ، صاحب حلب وماردين ، إلى بغداذ يستنفر على الفرنج ، ويذكر ما فعلوا بالمسلمين في الديار الجزرية ، وأنهم ملكوا قلعة عند الرها ، وقتلوا أميرها ابن عطير ، فسيرت الكتب بذلك إلى السلطان محمود .

وفيها نقل المستظهر إلى الرصافة ، وجميع من كان مدفونا بدار الخلافة ، وفيهم جدة المستظهر أم المقتدي ، وكانت وفاتها بعد المستظهر ، ورأت البطن الرابع من أولادها .

وفيها كثر أمر العيارين بالجانب الغربي من بغداذ ، فعبر إليهم نائب الشحنة في خمسين غلاما أتراكا ، فقاتلهم ، فانهزم منهم ، ثم عبر إليهم من الغد في مائتي غلام ، فلم يظفر بهم ، ونهب العيارون يومئذ قطفتا .

[ الوفيات ]

وفي هذه السنة ، في شعبان ، توفي أبو الفضل بكر بن محمد بن علي بن الفضل الأنصاري من ولد جابر بن عبد الله ، وهو من بلد بخارى ، وكان من أعيان الفقهاء الحنفية ، حافظا للمذهب .

وتوفي أبو طالب الحسين بن محمد بن علي بن الحسن الزينبي ، نقيب النقباء ببغداذ ، في صفر ، واستقال من النقابة ، فوليها أخوه طراد ، وكان من أكابر الحنفية ، وروى الحديث الكثير .

[ ص: 636 ] وفيها ، في ذي الحجة ، توفي أبو زكرياء يحيى بن عبد الوهاب بن منده الأصبهاني ، المحدث المشهور من بيت الحديث ، وله فيه تصانيف حسنة .

وفيها توفي أبو الفضل أحمد بن الخازن ، وكان أديبا ، ظريفا ، له شعر حسن ، فمنه قوله ، وقد قصد زيارة صديق له ، فلم يره ، فأدخله غلمانه إلى بستان في الدار ، وحمام ، فقال في ذلك :


وافيت منزله ، فلم أر صاحبا إلا تلقاني بوجه ضاحك     والبشر في وجه الغلام نتيجة
لمقدمات ضياء وجه المالك     ودخلت جنته ، وزرت جحيمه
فشكرت رضوانا ورأفة مالك



التالي السابق


الخدمات العلمية