[ ص: 676 ] ذكر 
حال   nindex.php?page=showalam&ids=15862دبيس بن صدقة  وما كان منه قد ذكرنا سنة أربع عشرة وخمسمائة حال  
 nindex.php?page=showalam&ids=15862دبيس بن صدقة  ، وصلحه على يد  
يرنقش الزكوي  ، ومقامه 
بالحلة  ، وعود  
يرنقش  إلى السلطان ومعه  
منصور بن صدقة  ، أخو  
دبيس  ، وولده ، رهينة ، فلما علم الخليفة بذلك لم يرض به ، وراسل  
السلطان محمودا  في إبعاد  
دبيس  عن 
العراق  إلى بعض النواحي . 
وتردد الخطاب في ذلك ، وعزم السلطان على المسير إلى 
همذان  ، فأعاد الخليفة الشكوى من  
دبيس  ، وذكر أنه يطالب الناس بحقوقه ، منها قتل أبيه ، وأشار أن يحضر السلطان  
 nindex.php?page=showalam&ids=13854آقسنقر البرسقي  من 
الموصل  ، ويوليه 
شحنكيةبغداذ والعراق  ، ويجعله في وجه  
دبيس  ، ففعل السلطان ذلك ، وأحضر  
البرسقي  ، فلما وصل إليه زوجه والدة  
الملك مسعود  ، وجعله شحنة 
بغداذ  وأمره بقتال  
دبيس  إن تعرض البلاد . 
وسار السلطان عن 
بغداذ  في صفر من هذه السنة ، وكان مقامه 
ببغداذ  سنة وسبعة أشهر وخمسة عشر يوما ، فلما فارق 
بغداذ  والعراق  تظاهر  
دبيس  بأمور تأثر بها  
المسترشد بالله  ، وتقدم إلى  
البرسقي  بالمسير إليه ، وإزعاجه عن 
الحلة  ، فأرسل  
البرسقي  إلى 
الموصل  ، وأحضر عساكره ، وسار إلى 
الحلة  ، وأقبل  
دبيس  نحوه ، فالتقوا عند 
نهر بشير  ، شرقي 
الفرات  ، واقتتلوا ، فانهزم عسكر  
البرسقي     . 
وكان سبب الهزيمة أنه رأى في ميسرته خللا ، وبها الأمراء 
البكجية  ، فأمر بإلقاء خيمته ، وأن تنصب عند الميسرة ، ليقوي قلوب من بها ، فلما رأوا الخيمة وقد سقطت ظنوها عن هزيمة ، فانهزموا ، وتبعهم الناس  
والبرسقي     . 
وقيل : بل أعطي رقعة فيها : إن جماعة من الأمراء ، منهم  
إسماعيل البكجي  ، يريدون الفتك به ، فانهزم ، وتبعه العسكر ، ودخل 
بغداذ  ثاني ربيع الآخر وكان في جملة العسكر  
نصر بن النفيس بن مهذب الدولة أحمد بن أبي الجبر  ، وكان ناظرا 
بالبطيحة  لريحان محكويه  ، خادم السلطان ، لأنها كانت من جملة إقطاعه ، وحضر أيضا  
المظفر بن حماد بن أبي الجبر  ، وبينهما عداوة شديدة ، فالتقيا عند الانهزام بساباط نهر ملك ، فقتله  
المظفر  ومضى إلى 
واسط  ، وسار منها إلى 
البطيحة  ، وتغلب عليها وكاتب  
دبيسا  وأطاعه .  
[ ص: 677 ] وأما  
دبيس  فإنه لم يعرض لنهر ملك ، ولا غيره ، وأرسل إلى الخليفة أنه على الطاعة ، ولولا ذلك لأخذ  
البرسقي  وجميع من معه ، وسأل أن يخرج الناظر إلى القرى التي لخاص الخليفة لقبض دخلها . 
وكانت الوقعة في حزيران ، وحمى البلد ، فأحمد الخليفة فعله ، وترددت الرسل بينهما ، فاستقرت القاعدة أن يقبض  
المسترشد بالله  على وزيره  
جلال الدين أبي علي بن صدقة  ليعود إلى الطاعة ، فقبض على الوزير ، ونهبت داره ودور أصحابه والمنتمين إليه ، وهرب ابن أخيه  
جلال الدين أبو الرضا  إلى 
الموصل    . 
ولما سمع السلطان خبر الواقعة قبض على  
منصور بن صدقة  ، أخي  
دبيس  ، وولده ، ورفعهما إلى قلعة 
برحين  وهي تجاور 
كرج    . 
ثم إن  
دبيسا  أمر جماعة من أصحابه بالمسير إلى أقطاعهم 
بواسط  ، فساروا إليها ، فمنعهم أتراك 
واسط  ، فجهز  
دبيس  إليهم عسكرا مقدمهم مهلهل ابن أبي العسكر ، وأرسل إلى المظفر بن الجبر 
بالبطيحة  ليتفق مع مهلهل ويساعده على قتال الواسطيين ، فاتفقا على أن تكون الواقعة تاسع رجب ، وأرسل الواسطيون إلى  
البرسقي  يطلبون منه المدد ، فأمدهم بجيش من عنده ، وعجل مهلهل في عسكر  
دبيس  ، ولم ينتظر المظفر ظنا منه أنه بمفرده ينال منهم ما أراد ، وينفرد بالفتح ، فالتقى هو والواسطيون ، ثامن رجب ، فانهزم مهلهل وعسكره ، وظفر الواسطيون ، وأخذ مهلهل أسيرا وجماعة من أعيان العسكر ، وقتل ما يزيد على ألف قتيل ، ولم يقتل من الواسطيين غير رجل واحد . 
وأما  
المظفر بن أبي الجبر  فإنه أصعد من 
البطيحة  ونهب وأفسد ، وجرى من أصحابه القبيح ، فلما قارب 
واسطا  سمع بالهزيمة ، فعاد منحدرا . 
وكان في جملة ما أخذ العسكر الواسطي من مهلهل تذكرة بخط  
دبيس  يأمره فيها بقبض المظفر بن أبي الجبر ومطالبته بأموال كثيرة أخذها من 
البطيحة  ، فأرسلوا الخط إلى المظفر ، وقالوا : هذا خط الذي تختاره ، فلما جرى على أصحاب  
دبيس  من الواسطيين ما ذكرناه شمر عن ساعده في الشر ، وبلغه أن السلطان كحل أخاه ، فجز شعره ، ولبس السواد ، ونهب البلاد ، وأخذ كل ما للخليفة بنهر الملك ، فأجلى الناس إلى 
بغداذ    .  
[ ص: 678 ] وسار عسكر 
واسط  إلى 
النعمانية  ، فأجلوا عنها عسكر  
دبيس  واستولوا عليها ، وجرى بينهم هناك وقعة كان الظفر فيها للواسطيين ، وتقدم الخليفة إلى  
البرسقي  بالتبريز  إلى حرب  
دبيس  ، فبرز في رمضان ، وكان ما نذكره إن شاء الله تعالى .