ذكر 
عزل  بهرام  عن وزارة  الحافظ  ، ووزارة  رضوان  
في هذه السنة في جمادى الأولى ، هرب  
تاج الدولة بهرام  وزير  
الحافظ لدين   [ ص: 83 ] الله العلوي  صاحب 
مصر  ، وكان قد استوزره بعد قتل ابنه حسن سنة تسع وعشرين وخمسمائة ، وكان نصرانيا 
أرمنيا  ، فتمكن في البلاد ، واستعمل 
الأرمن  ، وعزل المسلمين ، وأساء السيرة فيهم ، وأهانهم هو 
والأرمن  الذين ولاهم ، وطمعوا فيهم ، فلم يكن في أهل 
مصر  من أنف من ذلك إلا  
رضوان بن الريحيني  ، فإنه لما ساءه ذلك وأقلقه جمع جمعا كثيرا ، وقصد 
القاهرة  ، فسمع به  
بهرام  ، فهرب إلى الصعيد من غير حرب ولا قتال ، وقصد مدينة 
أسوان  ، فمنعه واليها من الدخول إليها وقاتله ، فقتل 
السودان  من 
الأرمن  كثيرا ، فلما لم يقدر على الدخول إلى 
أسوان  أرسل [ إلى ] الحافظ يطلب الأمان فأمنه ، فعاد إلى 
القاهرة  ، فسجن بالقصر ، فبقي مدة ، ثم ترهب وخرج من الحبس . 
وأما  
رضوان  فإنه وزر  
للحافظ  ولقب  
بالملك الأفضل  ، وهو أول وزير 
للمصريين  لقب بالملك ، ثم فسد ما بينه وبين  
الحافظ  ، فعمل  
الحافظ  في إخراجه ، فثار الناس عليه منتصف شوال سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة ، وهرب من داره وتركها بما فيها ، فنهب الناس ( منها ) ما لا يحد ولا يحصى ، وركب  
الحافظ  فسكن الناس ، ونقل ما بقي في دار  
رضوان  إلى قصره . 
وأما  
رضوان  فإنه سار يريد 
الشام  يستنجد 
الأتراك  ويستنصرهم ، فأرسل إليه  
الحافظ  الأمير ابن مصال  ليرده بالأمان والعهد أنه لا يؤذيه ، فرجع إلى 
القاهرة  ، فحبسه  
الحافظ  عنده في القصر ، وقيل : إنه توجه إلى 
الشام  وهو الصحيح ، وقصد صرخد فوصل إليها في ذي القعدة ، ونزل على صاحبها  
أمين الدولة كمشتكين  فأكرمه وعظمه ، وأقام عنده . 
ثم عاد إلى 
مصر  سنة أربع وثلاثين وخمسمائة ومعه عسكر ، فقاتل 
المصريين  عند 
باب النصر  وهزمهم ، وقتل منهم جماعة كثيرة ، وأقام ثلاثة أيام ، فتفرق عنه كثير   
[ ص: 84 ] ممن معه ، فعزم على العود إلى 
الشام  ، فأرسل إليه  
الحافظ  الأمير ابن مصال  فرده ، وحبسه عنده في القصر ، وجمع بينه وبين عياله ، فأقام في القصر إلى سنة ثلاث وأربعين [ وخمسمائة ] ، فنقب الحبس وخرج منه ، وقد أعدت له خيل ، فهرب عليها ، وعبر النيل إلى 
الجيزة  فحشد وجمع المغاربة وغيرهم ، وعاد إلى 
القاهرة  ، فقاتل 
المصريين  عند جامع  
 nindex.php?page=showalam&ids=12267ابن طولون  وهزمهم ، ودخل 
القاهرة  فنزل عند جامع الأقمر ، فأرسل إلى الحافظ يطلب منه مالا ليفرقه على عادتهم ، فإنهم كانوا إذا وزروا وزيرا أرسلوا إليه عشرين ألف دينار ليفرقها ، فأرسل إليه  
الحافظ  عشرين ألف دينار فقسمها ، وكثر عليه الناس ، وطلب زيادة ، فأرسل إليه عشرين ألف دينار أخرى ففرقها ، فتفرق الناس عنه ، وخفوا عنده ، فإذا الصوت قد وقع ، وخرج إليه جمع كثير من 
السودان  وضعهم  
الحافظ  عليه ، فحملوا على غلمانه فقاتلوهم ، فقام يركب ، فقدم إليه بعض أصحابه فرسا ليركبه ، فلما أراد ركوبه ضرب الرجل رأسه بالسيف فقتله ، وحمل رأسه إلى الحافظ ، فأرسله إلى زوجته ، فوضع في حجرها ، فألقته ، وقالت : 
هكذا يكون الرجال ، ولم يستوزر الحافظ بعده أحدا ، وباشر الأمور بنفسه إلى أن مات .