صفحة جزء
ذكر عدة حوادث

في هذه السنة ملك حسام الدين تمرتاش إيلغازي صاحب ماردين قلعة الهتاخ من بلاد ديار بكر ، أخذها من بعض بني مروان الذين كانوا ملوك ديار بكر جميعها ، وهذا آخر من بقي منهم له ولاية ، فسبحان الحي الدائم الذي لا يزول ملكه ، ولا يتطرق إليه النقص ولا التغيير .

وفيها انقطعت كسوة الكعبة ، لما ذكرناه من الاختلاف ، فقام بكسوتها رامشت التاجر الفارسي ، كساها من الثياب الفاخرة بكل ما وجد إليه سبيل ، فبلغ ثمن الكسوة ثمانية عشر ألف دينار مصرية ، وهو من التجار المسافرين إلى الهند كثير المال .

وفيها توفيت زبيدة خاتون ابنة السلطان بركيارق زوج السلطان مسعود ، وتزوج بعدها سفرى ابنة دبيس بن صدقة في جمادى الأولى ، وتزوج ابنة قاورت ، وهو من [ ص: 98 ] البيت السلجوقي ، إلا أنه كان لا يزال يعاقر الخمر ليلا ونهارا ، فلهذا سقط اسمه ، وذكره .

وفيها قتل السلطان مسعود ابن البقش السلاحي شحنة بغداد ، وكان قد ظلم الناس وعسفهم ، وفعل ما لم يفعله غيره من الظلم ، فقبض عليه وسيره إلى تكريت ، فسجنه بها عند مجاهد الدين بهروز ، ثم أمر بقتله ، فلما أرادوا قتله ألقى بنفسه في دجلة فغرق ، فأخذ رأسه ، وحمل إلى السلطان ، وجعل السلطان شحنة العراق مجاهد الدين بهروز ، فعمل أعمالا صالحة منها :

أنه عمل مسناة النهروان وأشباهها ، وكان حسن السيرة كثير الإحسان .

وفيها درس الشيخ أبو منصور بن الرزاز بالنظامية ببغداد .

وأرسل إلى أتابك زنكي في إطلاق قاضي القضاة الزينبي فأطلق ، وانحدر إلى بغداد ، فخلع عليه الخليفة ، وأقره على منصبه . وفيها كان بخرسان غلاء شديد طالت مدته وعظم أمره ، حتى أكل الناس الكلاب والسنانير وغيرهما من الدواب ، وتفرق أكثر أهل البلاد من الجوع .

وفيها توفي طغان أرسلان صاحب بدليس وأرزن من ديار بكر ، وولي بعده ابنه فرني ، واستقام له الأمر .

وفيها في شهر صفر ، جاءت زلزلة عظيمة بالشام ، والجزيرة ، وديار بكر ، والموصل ، والعراق ، وغيرها من البلاد ، فخربت كثيرا منها ، وهلك تحت الهدم عالم كثير .

[ ص: 99 ] [ الوفيات ]

وفيها توفي أحمد بن محمد بن ( أحمد أبو بكر بن ) أبي الفتح الدينوري الفقيه الحنبلي ببغداد ، وكان ينشد كثيرا هذه الأبيات :


تمنيت أن تمسي فقيها مناظرا بغير عياء والجنون فنون     وليس اكتساب المال دون مشقة
تلقيتها فالعلم كيف يكون

وفيها توفي محمد بن عبد الملك بن عمر أبو الحسن الكرخي ، ومولده سنة ثمان وخمسين وأربعمائة ، وكان فقيها محدثا ، سمع الحديث بكرخ وأصفهان وهمذان وغيرها .

وفي شعبان منها توفي القاضي أبو العلاء صاعد بن الحسين بن إسماعيل بن صاعد ، وهو ابن عم القاضي أبي سعيد ، وولي القضاء بنيسابور بعد أبي سعيد .

التالي السابق


الخدمات العلمية