صفحة جزء
ذكر عدة حوادث

في هذه السنة جرى بين أمير المؤمنين المقتفي لأمر الله وبين الوزير شرف الدين علي بن طراد الزينبي منافرة ، وسببها أن الوزير كان يعترض الخليفة في كل ما يأمر به ، فنفر الخليفة من ذلك ، فغضب الوزير ، ثم خاف فقصد دار السلطان في سميرية وقت الظهر ، ودخل إليها واحتمى بها ، فأرسل إليه الخليفة في العود إلى منصبه فامتنع ، وكانت الكتب تصدر باسمه ، واستنيب قاضي القضاة الزينبي وهو ابن [ ص: 108 ] عم الوزير ، وأرسل الخليفة إلى السلطان رسلا في معنى الوزير ، فأرخص له السلطان في عزله ، فحينئذ أسقط اسمه من الكتب ، وأقام بدار السلطان ، ثم عزل الزينبي من النيابة ، وناب سديد الدولة بن الأنباري .

وفيها قتل المقرب جوهر ، وهو من خدم السلطان سنجر ، وكان قد حكم في دولته جميعها ، ومن جملة أقطاعه الري ، ومن جملة مماليكه عباس صاحب الري ، وكان سائر عسكر السلطان سنجر يخدمونه ويقفون ببابه ، وكان قتله بيد الباطنية ، وقف له جماعة منهم بزي النساء ، واستغثن به ، فوقف يسمع كلامهم فقتلوه ، فلما قتل جمع صاحبه عباس العساكر ، وقصد الباطنية ، فقتل منهم وأكثر ، وفعل بهم ما لم يفعله غيره ، ولم يزل يغزوهم ويقتل فيهم ويخرب بلادهم إلى أن مات .

وفيها زلزلت كنجة وغيرها من أعمال أذربيجان وأران إلا أن أشدها كان بكنجة ، فخرب منها الكثير ، وهلك عالم لا يحصون كثرة .

قيل : كان الهلكى مائتي ألف وثلاثين ألفا ، وكان من جملة الهلكى ابنان لقراسنقر صاحب البلاد ، وتهدمت قلعة هناك لمجاهد الدين بهروز ، وذهب له فيها من الذخائر والأموال شيء عظيم .

[ ص: 109 ] وفيها شرع مجاهد الدين بهروز في عمل النهروانات : سكر سكرا عظيما يرد الماء إلى مجراه الأول ، وحفر مجرى الماء القديم ، وخرق إليه مجراة تأخذ من ديالى ثم استحال بعد ذلك ، وجرى الماء ناحية من السكر ، وبقي السكر في البئر لا ينتفع به أحد ، ولم يتعرض أحد لرده إلى مجراه عند السكر إلى وقتنا هذا .

وفيها انقطع الغيث ببغداد والعراق ، ولم يجئ غير مرة واحدة في آذار ، ثم انقطع ووقع الغلاء ، وعدمت الأقوات بالعراق .

وفيها في جمادى الآخرة دخل الخليفة بفاطمة خاتون بنت السلطان مسعود ، وكان يوم حملها إلى دار الخليفة يوما مشهودا ، أغلقت بغداد عدة أيام ، وزينت وتزوج السلطان مسعود بابنة الخليفة المقتفي لأمر الله وعقد عليها ، واستقر أن [ ص: 110 ] يتأخر زفافها خمس سنين لصغره .

[ الوفيات ]

وفيها في ربيع الأول ، توفي القاضي أبو الفضل يحيى ابن قاضي دمشق المعروف بالزكي .

التالي السابق


الخدمات العلمية