صفحة جزء
وفيها كانت عدة من سرايا وغزوات

منها سرية عكاشة بن محصن في أربعين رجلا إلى الغمر ، فنذر بهم القوم فهربوا ، فسعت الطلائع فوجدوا مائتي بعير ، فأخذوها إلى المدينة ، وكانت في ربيع الآخر .

ومنها سرية محمد بن مسلمة ، وأرسله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عشرة فوارس في ربيع الأول إلى بني ثعلبة بن سعد ، فكمن القوم له حتى نام هو وأصحابه وظهروا عليهم ، فقتل أصحابه ، ونجا هو وحده جريحا .

ومنها سرية أبي عبيدة بن الجراح إلى ذي القصة في ربيع الآخر ، في أربعين رجلا ، فهرب أهله منهم وأصابوا نعما ورجلا واحدا أسلم ، فتركه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

[ ص: 88 ] ‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌ومنها سرية زيد بن حارثة بالجموم ، فأصاب امرأة من مزينة اسمها حليمة ، فدلتهم على محلة من محال بني سليم ، فأصابوا نعما وشاء وأسرى ، فيهم زوجها ، فأطلقها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وزوجها معها .

ومنها سرية زيد أيضا إلى العيص في جمادى الأولى .

وفيها أخذت الأموال التي كانت مع أبي العاص بن الربيع ، واستجار بزينب بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأجارته . وقد تقدم ذكره في غزوة بدر .

ومنها سرية زيد أيضا إلى الطرف في جمادى الآخرة إلى بني ثعلبة ، في خمسة عشر رجلا ، فهربوا منه ، وأصاب من نعمهم عشرين بعيرا .

ومنها سرية زيد بن حارثة إلى حسمى في جمادى الآخرة .

وسببها أن رفاعة بن زيد الجذامي ، ثم الضبي ، قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - في هدنة الحديبية ، وأهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - غلاما وأسلم ، فحسن إسلامه ، وكتب له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتابا إلى قومه يدعوهم إلى الإسلام ، فأسلموا ، ثم ساروا إلى حرة الرجلاء .

[ ص: 89 ] ثم إن دحية بن خليفة الكلبي أقبل من الشام من عند قيصر ، حتى إذا كان بأرض جذام أغار عليه الهنيد بن عوص ، وابنه عوص بن الهنيد الضليعيان ، وهو بطن من جذام ، فأخذا كل شيء معه ، فبلغ ذلك نفرا من بني الضبيب قوم رفاعة ممن كان أسلم ، فنفروا إلى الهنيد وابنه ، واقتتلوا ، فظفر بنو الضبيب ، واستنقذوا كل شيء أخذ من دحية ، وردوه عليه ، فخرج دحية حتى قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره خبره ، وطلب منه دم الهنيد وابنه عوص ، فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم زيد بن حارثة في جيش ، فأغاروا بالفضافض ، وجمعوا ما وجدوا من مال ، وقتلوا الهنيد وابنه .

فلما سمع بذلك بنو الضبيب رهط رفاعة بن زيد ، سار بعضهم إلى زيد بن حارثة فقالوا : إنا قوم مسلمون . فقال زيد : فاقرءوا أم الكتاب ، فقرأها حسان بن ملة . فقال زيد : نادوا في الجيش : إن الله حرم علينا ما أخذ من طريق القوم التي جاءوا منها ، وأراد أن يسلم إليهم سباياهم ، فأخبره بعض أصحابه عنهم بما أوجب أن يحتاط ، فتوقف في تسليم السبايا وقال : هم في حكم الله ، ونهى الجيش أن يهبطوا واديهم .

وعاد أولئك الركب الجذاميون إلى رفاعة بن زيد ، وهو بكراع ربة لم يشعر بشيء من أمرهم ، فقال له بعضهم : إنك لجالس تحلب المعزى ، ونساء جذام أسارى قد غرهن كتابك الذي جئت به . فسار رفاعة والقوم معه إلى المدينة ، وعرض كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : كيف أصنع بالقتلى ؟ فقالوا : لنا من كان حيا ، ومن قتل فهو تحت أقدامنا ، يعنون تركوا الطلب به . فأجابهم إلى ذلك وأرسل معهم علي بن أبي طالب إلى زيد بن حارثة ، فرد على القوم ما لهم حتى كانوا ينتزعون لبد المرأة تحت الرحل ، وأطلق الأسارى .

( ربة بالراء والباء الموحدة . والضبيب بضم الضاد المعجمة ، تصغير ضب ، وقيل : هو بفتح الضاد ، وكسر الباء ، وآخره نون - نسبة إلى ضبيبة ) .

ومنها سرية زيد أيضا إلى وادي القرى في رجب .

[ ص: 90 ] ومنها سرية عبد الرحمن بن عوف إلى دومة الجندل في شعبان ، فأسلموا ، فتزوج عبد الرحمن تماضر بنت الأصبغ رئيسهم ، وهي أم أبي سلمة .

ومنها سرية علي بن أبي طالب إلى فدك في شعبان ، في مائة رجل ، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلغه أن حيا من بني سعد قد تجمعوا له ، يريدون أن يمدوا أهل خيبر ، فسار إليهم علي فأصاب عينا لهم ، فأخبره أنه سار إلى أهل خيبر يعرض عليهم نصرهم على أن يجعلوا لهم تمر خيبر .

ومنها سرية زيد بن حارثة إلى أم قرفة في رمضان ، وكانت عجوزا كبيرة ، فلقي زيد بن فزارة بوادي القرى ، فأصيب أصحابه وارتث زيد من بين القتلى ، فنذر أن لا يمس ماء من جنابة حتى يغزو فزارة ، فبعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم ، فلقيهم بوادي القرى ، فأصاب منهم وقتل وأسر أم قرفة ، وهي فاطمة بنت ربيعة بن بدر ، عجوز كبيرة ، وبنتا لها ، فربط أم قرفة بين بعيرين فشقاها نصفين ، وقدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - بابنتها ، وكانت لسلمة بن الأكوع ، فأخذها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منه هبة ، وأرسلها إلى حرب بن أبي وهب ، فولدت له عبد الله بن حرب .

وأما سلمة بن الأكوع فإنه جعل أمير هذه السرية أبا بكر ، فروي عنه أنه قال : أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علينا أبا بكر ، فغزونا ناسا من بني فزارة ، فشننا عليهم الغارة صلاة الصبح ، فأخذت منهم جماعة وسقتهم إلى أبي بكر ، وفيها امرأة من بني فزارة معها بنت لها من أحسن العرب ، فنفلني أبو بكر بنتها ، فقدمت المدينة فلقيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بالسوق فقال لي : يا سلمة ، لله أبوك ، هب لي المرأة . فقلت : والله لقد أعجبتني وما كشفت لها ثوبا . فسكت ثم عاد من الغد فوهبتها له ، فبعث بها إلى مكة ، ففادى بها أسارى من المسلمين .

[ ص: 91 ] ومنها سرية كرز بن جابر الفهري إلى العرنيين الذين قتلوا راعي النبي - صلى الله عليه وسلم - واستاقوا الإبل في شوال . وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في عشرين فارسا .

وفيها تزوج عمر بن الخطاب جميلة بنت ثابت بن أبي أقلح أخت عاصم ، فولدت له عاصما ، فطلقها وتزوجها بعده يزيد بن جارية ، فولدت له عبد الرحمن بن يزيد ، فهو أخو عاصم لأمه .

( جارية بالجيم ، وبعد الراء ياء تحتها نقطتان ) .

وفيها أجدب الناس جدبا شديدا ، فاستسقى رسول الله بالناس في رمضان .

التالي السابق


الخدمات العلمية