صفحة جزء
[ ص: 251 ] ذكر اجتماع السلطان محمود مع الغز وعودهم إلى نيسابور

لما عاد الغز ومعهم الملك محمد بن محمود الخان إلى نسا وأبيورد ، كما ذكرناه ، خرج والده السلطان محمود الخان ، وكان هناك فيمن معه من العساكر الخراسانية ، فاجتمع بهم واتفقت الكلمة على طاعته ، وأراد عمارة البلاد وحفظها ، فلم يقدر على ذلك ، فلما اجتمعوا ساروا إلى نيسابور ، وبها المؤيد أي أبه ، في شعبان ، فلما سمع بقربهم منه رحل عنها إلى خواف في السادس عشر منه ، ووصلوا إليها في الحادي والعشرين منه ونزلوا فيه ، وخافهم الناس خوفا عظيما ، فلم يفعلوا بهم شيئا ، وساروا عنها في السادس والعشرين منه إلى سرخس ومرو ، وكان بها الفقيه المؤيد بن الحسين الموفقي ، رئيس الشافعية ، وله بيت قديم ، وهو من أحفاد الإمام أبي سهل الصعلوكي ، وله مصاهرة إلى بيت أبي المعالي الجويني ، وهو المقدم في البلد والمشار إليه ، وله من الأتباع ما لا يحصى .

فاتفق أن بعض أصحابه قتل إنسانا من الشافعية ، اسمه أبو الفتوح الفستقاني ، خطأ ، وأبو الفتوح هذا له تعلق بنقيب العلويين بنيسابور ، وهو ذخر الدين أبو القاسم زيد بن الحسن الحسيني ، وكان هذا النقيب هو الحاكم هذه المدة بنيسابور ، فغضب من ذلك وأرسل إلى الفقيه المؤيد يطلب منه القاتل ليقتص منه ، ويتهدده إن لم يفعل ، فامتنع المؤيد من تسليمه ، وقال : لا مدخل لك مع أصحابنا ، إنما حكمك على الطائفة العلويين ، فجمع النقيب أصحابه ومن يتبعه وقصد الشافعية ، فاجتمعوا له وقاتلوه ، فقتل منهم جماعة ثم إن النقيب أحرق سوق العطارين ، وأحرقوا سكة معاذ ، وسكة باغ ظاهر ، ودار إمام الحرمين أبي المعالي الجويني ، وكان الفقيه المؤيد الشافعي بها للصهر الذي بينهم .

وعظمت المصيبة على الناس كافة ، وجمع بعد ذلك المؤيد الفقيه جموعا من طوس ، وأسفرايين وجوين وغيرهم ، وقتلوا واحدا من أتباع النقيب زيد يعرف بابن الحاجي الأشناني ، فأهم العلوية ومن معهم ، فاقتتلوا ثامن عشر شوال من سنة أربع وخمسين [ وخمسمائة ] ، وقامت الحرب على ساق ، وأحرقت المدارس والأسواق [ ص: 252 ] والمساجد وكثر القتل في الشافعية ، فالتجأ المؤيد إلى قلعة فرخك ، وقصر باع الشافعية عن القتال ، ثم انتقل المؤيد إلى قرية من قرى طوس ، وبطلت دروس الشافعية بنيسابور ، وخرب البلد وكثر القتل فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية