صفحة جزء
ذكر إرسال سيف الإسلام إلى اليمن وتغلبه عليه

في هذه السنة سير صلاح الدين أخاه سيف الإسلام طغدكين إلى بلاد اليمن ، وأمره بتملكها وقطع الفتن بها ، وفوض إليه أمرها ، وكان بها حطان بن منقذ ، كما ذكرناه قبل . وكتب عز الدين عثمان الزنجيلي متولي عدن إلى صلاح الدين يعرفه باختلال البلاد ، ويشير بإرسال بعض أهله إليها ، ، لأن حطان كان قوي عليه ، فخافه عثمان ، فجهز صلاح الدين أخاه سيف الإسلام وسيره إلى بلاد اليمن ، فوصل إلى [ ص: 460 ] زبيد ، فخافه حطان بن منقذ واستشعر منه ، وتحصن في بعض القلاع ، فلم يزل به سيف الإسلام يؤمنه ويهدي إليه ويتلطفه حتى نزل إليه ، فأحسن صحبته ، واعتمد معه ما لم يكن يتوقعه من الإحسان ، فلم يثق حطان به ، وطلب منه دستورا ليقصد الشام ، فامتنع من إجابته إظهارا للرغبة في كونه عنده ، فلم يزل حطان يراجعه حتى أذن له ، فأخرج أثقاله ، وأمواله ، ودوابه ، وأهله ، وأصحابه ، وكل ما له ، وسير الجميع بين يديه .

فلما كان الغد دخل على سيف الإسلام ليودعه ، فقبض عليه واسترجع جميع ماله فأخذه عن آخره لم يسلم منه قليل ولا كثير ، ثم سجنه في بعض القلاع ، وكان آخر العهد به ، فقيل إنه قتله ، وكان في جملة ما أخذ منه من الأموال الذهب العين في سبعين غلافا زردية مملوءة عينا .

وأما عز الدين عثمان الزنجيلي فإنه لما سمع ما جرى على حطان خاف فسار نحو الشام خائفا يترقب ، وسير معظم أمواله في البحر ، فصادفهم مراكب فيها أصحاب سيف الإسلام ، فأخذوا كل ما لعز الدين ، ولم يبق له إلا ما صحبه في الطريق ، وصفت زبيد وعدن وما معهما من البلاد لسيف الإسلام .

التالي السابق


الخدمات العلمية