ذكر 
انهزام عسكر الخليفة من  السلطان طغرل  
في هذه السنة جهز  
 nindex.php?page=showalam&ids=15384الخليفة الناصر لدين الله  عسكرا كثيرا ، وجعل المقدم عليهم وزيره  
 nindex.php?page=showalam&ids=13646جلال الدين عبيد الله بن يونس  ، وسيرهم إلى مساعدة  
قزل  ، ليكف  
السلطان طغرل  عن البلاد . 
فسار العسكر ثالث صفر إلى أن قارب 
همذان  ، فلم يصل  
قزل  إليهم ، وأقبل  
طغرل  إليهم في عساكره ، فالتقوا ثامن ربيع الأول 
بداي مرج  عند 
همذان  ، واقتتلوا ، فلم يثبت عسكر 
بغداد  ، بل انهزموا وتفرقوا ، وثبت الوزير قائما ، ومعه مصحف وسيف ، فأتاه من عسكر  
طغرل  من أسره ، وأخذ ما معه من خزانة وسلاح ودواب وغير ذلك ، وعاد العسكر إلى 
بغداد  متفرقين .  
[ ص: 63 ] وكنت حينئذ 
بالشام  في عسكر  
صلاح الدين  يريد الغزاة ، فأتاه الخبر مع النجابين بمسير العسكر البغدادي ، فقال : كأنكم وقد وصل الخبر بانهزامهم . 
فقال له بعض الحاضرين : وكيف ذلك ؟ فقال : لا شك أن أصحابي وأهلي أعرف بالحرب من الوزير . وأطوع في العسكر منه ومع هذا ، فما أرسل أحدا منهم في سرية للحرب إلا وأخاف عليه وهذا الوزير غير عارف بالحرب ، وقريب العهد بالولاية ولا يراه الأمراء أهلا أن يطاع ، وفي مقابلة سلطان شجاع قد باشر الحرب بنفسه ، ومن معه يطيعه . 
وكان الأمر كذلك ، ووصل الخبر إليه بانهزامهم فقال لأصحابه : كنت أخبرتكم بكذا وكذا ، وقد وصل الخبر بذلك . 
ولما عادت عساكر 
بغداد  منهزمة قال بعض الشعراء وهو  
أحمد بن الواثق بالله     : 
اتركونا من جائحات الجريمه طلعة طلعة تكون وخيمه     بركات الوزير قد شملتنا 
فلهذا أمورنا مستقيمه     خرجت جندنا تريد خراسا  
ن جميعا بأبهات عظيمه     بخيول وعدة وعديد 
وسيوف مجربات قديمه     ووزير وطاق طنب ونقش 
وخيول معدة للهزيمه     هم رأوا غرة العدو وقد أق - 
بل ولوا وانحل عقد العزيمه     وأتونا ولا بخفي حنين 
بوجوه سود قباح دميمه     لو رأى صاحب الزمان ولو عا 
ين أفعالهم وقبح الجريمه     قابل الكل بالنكال وناهي 
ك بها سبة عليهم مقيمه 
  . 
كان ينبغي أن تتقدم هذه الحادثة ، وإنما أخرتها لتتبع الحوادث المتقدمة بعضها بعضا ، لتعلق كل واحدة منها بالأخرى .