صفحة جزء
ذكر فتح إصطخر وجور وغيرهما

[ ص: 420 ] وقصد عثمان بن أبي العاص الثقفي لإصطخر ، فالتقى هو وأهل إصطخر بجور ، فاقتتلوا وانهزم الفرس ، وفتح المسلمون جور ثم إصطخر ، وقتلوا ما شاء الله ، ثم فر من فر ، فدعاهم عثمان إلى الجزية والذمة ، فأجابه الهربذ إليها ، فتراجعوا ، وكان عثمان قد جمع الغنائم لما هزمهم ، فبعث بخمسها إلى عمر وقسم الباقي في الناس .

وفتح عثمان كازرون والنوبندجان وغلب على أرضها ، وفتح هو وأبو موسى مدينة شيراز وأرجان ، وفتحا سينيز على الجزية والخراج . وقصد عثمان أيضا جنابا ففتحها ، ولقيه جمع الفرس بناحية جهرم فهزمهم وفتحها .

ثم إن شهرك خلع في آخر خلافة عمر وأول خلافة عثمان . فوجه إليه عثمان بن أبي العاص ثانية وأتته الأمداد من البصرة وأميرهم عبيد الله بن معمر وشبل بن معبد ، فالتقوا بأرض فارس . فقال شهرك لابنه وهما في المعركة ، وبينهما وبين قرية لهما تدعى ريشهر ثلاثة فراسخ : يا بني أين يكون غداؤنا هاهنا أم بريشهر ؟ قال له : يا أبه ، إن تركونا فلا يكون غداؤنا هاهنا ولا بريشهر ولا نكونن إلا في المنزل ، [ ولكن والله ] ما أراهم يتركوننا . فما فرغا من كلامهما حتى أنشب المسلمون الحرب فاقتتلوا قتالا [ ص: 421 ] شديدا ، وقتل شهرك وابنه وخلق عظيم . والذي قتل شهرك الحكم بن أبي العاص أخو عثمان . وقيل : قتله سوار بن همام العبدي حمل عليه فطعنه فقتله . وحمل ابن شهرك على سوار فقتله .

وقيل : إن إصطخر كانت سنة ثمان وعشرين ، وكانت فارس الآخرة سنة تسع وعشرين .

وقيل : إن عثمان بن أبي العاص أرسل أخاه الحكم من البحرين في ألفين إلى فارس ، ففتح جزيرة بركاوان في طريقه ثم سار إلى توج ، وكان كسرى أرسل شهرك فالتقوا مع شهرك ، وكان الجارود وأبو صفرة على مجنبتي المسلمين ، وأبو صفرة هذا هو والد المهلب ، فحمل الفرس على المسلمين فهزموهم . فقال الجارود : أيها الأمير ذهب الجند . فقال : سترى أمرك . قال : فما لبثوا حتى رجعت خيل لهم ليس عليها فرسانها والمسلمون يتبعونهم يقتلونهم ، فنثرت الرءوس فرأى المكعبر رأسا ضخما فقال : أيها الأمير هذا رأس الازدهاق - يعني شهرك - . وحوصر الفرس بمدينة سابور ، فصالح عليها ملكها أرزنبان ، فاستعان به الحكم على قتال أهل إصطخر . ومات عمر . وبعث عثمان بن عفان عبيد الله بن معمر مكانه ، فبلغ عبيد الله أن أرزنبان يريد الغدر به ، فقال له : أحب أن تتخذ لأصحابي طعاما وتذبح لهم بقرة وتجعل عظامها في الجفنة التي تليني فإني أحب أن أتمشش العظام ، ففعل وجعل يأخذ العظم الذي لا يكسر إلا بالفؤوس فيكسره بيده ويأخذ مخه ، وكان من أشد الناس ، فقام أرزنبان فأخذ برجله وقال : هذا مقام العائذ بك ! فأعطاه عهدا . وأصاب عبيد الله منجنيق فأوصاهم وقال : إنكم ستفتحون هذه المدينة - إن شاء الله - فاقتلوهم بي ساعة فيها ، ففعلوا ، فقتلوا منهم بشرا كثيرا ، ومات عبيد الله بن معمر .

وقيل : إن قتله كان سنة تسع وعشرين .

التالي السابق


الخدمات العلمية