[ ص: 186 ] ذكر 
نبوة اليسع  ، عليه السلام ، وأخذ التابوت من بني إسرائيل  
فلما انقطع 
إلياس  عن 
بني إسرائيل  بعث الله 
اليسع  ، فكان فيهم ما شاء الله ، ثم قبضه الله وعظمت فيهم الأحداث وعندهم التابوت يتوارثونه ، فيه السكينة وبقية مما ترك 
آل موسى   وآل هارون   تحمله الملائكة ، فكانوا لا يلقاهم عدو فيقدمون التابوت إلا هزم الله العدو ، وكانت السكينة شبه رأس هر ، فإذا صرخت في التابوت بصراخ هر أيقنوا بالنصر وجاءهم الفتح . 
ثم خلف فيها ملك يقال له  
إيلاف  ، وكان الله يمنعهم ويحميهم ، فلما عظمت أحداثهم نزل بهم عدو فخرجوا إليه وأخرجوا التابوت ، فاقتتلوا فغلبهم عدوهم على التابوت وأخذه منهم وانهزموا ، فلما علم ملكهم أن التابوت أخذ مات كمدا ، ودخل العدو أرضهم ونهب وسبى ، وعاد ، فمكثوا على اضطراب من أمرهم واختلاف ، وكانوا يتمادون أحيانا في غيهم فيسلط الله عليهم من ينتقم منهم ، فإذا راجعوا التوبة كف الله عنهم شر عدوهم ، فكان هذا حالهم من لدن توفي 
يوشع بن نون  إلى أن بعث الله 
أشمويل  وملكهم  
طالوت  ، ورد عليهم التابوت . 
وكانت مدة ما بين وفاة 
يوشع  ، الذي كان يلي أمر 
بني إسرائيل  بعضها القضاة ، وبعضها الملوك ، وبعضها المتغلبون إلى أن ثبت الملك فيهم ورجعت النبوة إلى 
أشمويل  أربعمائة سنة وستين سنة . 
فكان أول من سلط عليهم رجل من نسل 
لوط  يقال له  
كوشان  فقهرهم وأذلهم   
[ ص: 187 ] ثماني سنين ، ثم أنقذهم من يده أخ لكالب الأصغر يقال له  
عتنيل  فقام بأمرهم أربعين سنة . 
ثم سلط عليهم ملك يقال له  
عجلون  ، فملكهم ثماني عشرة سنة ، ثم استنقذهم منه رجل من سبط  
بنيامين  يقال له  
أهوذ  ، وقام بأمرهم ثمانين سنة . 
ثم سلط عليهم رجل من 
الكنعانيين  يقال له  
يابين  ، فملكهم عشرين سنة واستنقذهم منه امرأة من بني أنبيائهم يقال لها 
دبورا  ، ودبر الأمر رجل من قبلها يقال له  
باراق  أربعين سنة . 
ثم سلط عليهم قوم من نسل 
لوط  فملكوهم سبع سنين ، واستنقذهم رجل يقال له  
جدعون بن بواش  من ولد  
نفتالي بن يعقوب  ، فدبر أمرهم أربعين سنة وتوفي ، ودبر أمرهم بعده ابنه  
أبيمالخ  ثلاث سنين ، ثم دبرهم بعده  
فولع بن فوا ابن خال أبيمالخ  ، ويقال ابن عمه ، ثلاثا وعشرين سنة ، ثم دبر أمرهم بعده رجل يقال له  
يائير  اثنتين وعشرين سنة . 
ثم ملكهم قوم من 
أهل فلسطين   بني عمون  ثماني عشرة سنة ، ثم قام بأمرهم رجل منهم يقال له يفتح ست سنين . ثم دبر أمرهم بعده  
يبحسون  سبع سنين . ثم بعده  
آلون  عشر سنين . ثم بعده  
لترون  ، ويسميه بعضهم  
عكرون  ثماني سنين ثم قهرهم 
أهل فلسطين   وملكوهم أربعين سنة . ثم وليهم  
شمسون  عشرين سنة . ثم بقوا بعده   
[ ص: 188 ] عشر سنين بغير مدبر ولا رئيس . 
ثم قام بأمرهم بعد ذلك عالي الكاهن . وفي أيامه غلب 
أهل فلسطين   على التابوت في قول ، فلما مضى من وقت قيامه أربعون سنة بعث 
أشمويل  نبيا فدبرهم عشر سنين . ثم سألوا 
أشمويل  أن يبعث لهم ملكا يقاتل بهم أعداءهم .