صفحة جزء
ذكر عزل الوليد عن المدينة وولاية عمرو بن سعيد

في هذه السنة عزل الوليد بن عتبة عن المدينة ، عزله يزيد ، واستعمل عليها عمرو بن سعيد الأشدق ، فقدمها في رمضان ، فدخل عليه أهل المدينة ، وكان عظيم الكبر ، واستعمل على شرطته عمرو بن الزبير لما كان بينه وبين أخيه عبد الله من البغضاء ، فأرسل إلى نفر من أهل المدينة فضربهم ضربا شديدا لهواهم في أخيه عبد الله ، منهم : أخوه المنذر بن الزبير ، وابنه محمد بن المنذر ، وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث ، وعثمان بن عبد الله بن حكيم بن حزام ، ومحمد بن عمار بن ياسر ، وغيرهم ، فضربهم الأربعين إلى الخمسين إلى الستين .

فاستشار عمرو بن سعيد عمرو بن الزبير فيمن يرسله إلى أخيه .

فقال : لا توجه إليه رجلا أنكأ له مني .

فجهز معه الناس وفيهم أنيس بن عمرو الأسلمي في سبعمائة ، فجاء مروان بن الحكم إلى عمرو بن سعيد فقال له : لا تغز مكة واتق الله ولا تحل حرمة البيت وخلوا ابن الزبير فقد كبر وله ستون سنة وهو لجوج .

فقال عمرو بن الزبير : والله لنغزونه في جوف الكعبة على رغم أنف من رغم .

وأتى أبو شريح الخزاعي إلى عمرو فقال له : لا تغز مكة فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إنما أذن لي بالقتال فيها ساعة من نهار ثم عادت كحرمتها بالأمس . فقال له عمرو : نحن أعلم بحرمتها منك أيها الشيخ . فسار أنيس في مقدمته .

وقيل : إن يزيد كتب إلى عمرو بن سعيد ليرسل عمرو بن الزبير إلى أخيه عبد الله ، ففعل ، فأرسله ومعه جيش نحو ألفي رجل ، فنزل أنيس بذي طوى ونزل عمرو بالأبطح ، فأرسل عمرو إلى أخيه : بر يمين يزيد ، وكان حلف أن لا يقبل بيعته إلا أن يؤتي به في

[ ص: 132 ] جامعة ، ويقال : حتى أجعل في عنقك جامعة من فضة لا ترى ، ولا يضرب الناس بعضهم بعضا فإنك في بلد حرام .

فأرسل عبد الله بن الزبير عبد الله بن صفوان نحو أنيس فيمن معه من أهل مكة ممن اجتمع إليه ، فهزمه ابن صفوان بذي طوى وأجهز على جريحهم وقتل أنيس بن عمرو وسار مصعب بن عبد الرحمن إلى عمرو بن الزبير ، فتفرق عن عمرو أصحابه ، فدخل دار ( ابن ) علقمة ، فأتاه أخوه عبيدة فأجاره ، ثم أتى عبد الله فقال له : إني قد أجرت عمرا ، فقال : أتجير من حقوق الناس ! هذا ما لا يصلح وما أمرتك أن تجير هذا الفاسق المستحل لحرمات الله .

ثم أقاد عمرا من كل من ضربه إلا المنذر وابنه فإنهما أبيا أن يستقيدا ، ومات تحت السياط .

التالي السابق


الخدمات العلمية