صفحة جزء
ذكر ولاية سلم بن زياد على خراسان وسجستان

قيل : في هذه السنة استعمل يزيد سلم بن زياد على خراسان .

[ ص: 198 ] وسبب ذلك أن سلما قدم على يزيد ، فقال له يزيد : يا أبا حرب أوليك عمل أخويك عبد الرحمن وعباد . فقال : ما أحب أمير المؤمنين . فولاه خراسان وسجستان ، فوجه سلم الحارث بن معاوية الحارثي جد عيسى بن شبيب إلى خراسان ، وقدم سلم البصرة فتجهز منها ، فوجه أخاه يزيد إلى سجستان ، فكتب عبيد الله بن زياد إلى أخيه عباد يخبره بولاية سلم ، فقسم عباد ما في بيت المال [ على ] عبيده وفضل فضل فنادى : من أراد سلفا فليأخذ ، فأسلف كل من أتاه ، وخرج عباد من سجستان .

فلما كان بجيرفت بلغه مكان سلم ، وكان بينهما جبل ، فعدل عنه ، فذهب لعباد تلك الليلة ألف مملوك أقل ما مع أحدهم عشرة آلاف .

وسار عباد على فارس فقدم على يزيد فسأله عن المال ، فقال : كنت صاحب ثغر فقسمت ما أصبت بين الناس .

ولما سار سلم إلى خراسان كتب معه يزيد إلى أخيه عبيد الله بن زياد ينتخب له ستة آلاف فارس ، وقيل : ألفي فارس ، وكان سلم ينتخب الوجوه ، فخرج معه عمران بن الفضيل البرجمي والمهلب بن أبي صفرة وعبد الله بن خازم السلمي وطلحة بن عبد الله بن خلف الخزاعي وحنظلة بن عرادة ويحيى بن يعمر العدواني وصلة بن أشيم العدوي وغيرهم .

وسار سلم إلى خراسان وعبر النهر غازيا ، وكان عمال خراسان قبله يغزون ، فإذا دخل الشتاء رجعوا إلى مرو الشاهجان ، فإذا انصرف المسلمون اجتمع ملوك خراسان بمدينة مما يلي خوارزم فيتعاقدون أن لا يغزو بعضهم بعضا ويتشاورون في أمورهم ، فكان المسلمون يطلبون إلى أمرائهم غزو تلك المدينة فيأبون عليهم ، فلما قدم سلم غزا فشتا في بعض مغازيه ، فألح عليه المهلب بن أبي صفرة وسأله التوجه إلى تلك المدينة ، فوجهه في ستة آلاف ، وقيل : أربعة آلاف ، فحاصرهم ، فطلبوا أن يصالحهم على أن يفدوا أنفسهم ، فأجابهم إلى ذلك وصالحوه على نيف وعشرين ألف ألف ، وكان في صلحهم أن يأخذ منهم عروضا ، فكان يأخذ الرأس والدابة والمتاع بنصف ثمنه ، فبلغت قيمة ما أخذ منهم خمسين ألف ألف ، فحظي بها المهلب عند سلم ، وأخذ سلم من ذلك ما أعجبه وبعث به إلى يزيد .

وغزا سلم سمرقند وعبرت معه النهر امرأته أم محمد ابنة عبد الله بن عثمان بن [ ص: 199 ] أبي العاص الثقفية ، وهي أول امرأة من العرب قطع بها النهر ، فولدت له ابنا سماه صغدى ، واستعارت امرأته من امرأة صاحب الصغد حليها فلم تعده إليها وذهبت به . ووجه جيشا إلى خجندة فيهم أعشى همدان فهزموا ، فقال الأعشى :


ليت خيلي يوم الخجندة لم ته زم وغودرت في المكر سليبا     تحضر الطير مصرعي وتروح
ت إلى الله بالدماء خضيبا



التالي السابق


الخدمات العلمية