صفحة جزء
[ ص: 498 ] ذكر صلح المهلب أهل كش

وفي هذه السنة صالح المهلب أهل كش .

وكان سبب ذلك أنه اتهم قوما من مضر فحبسهم ، وصالح وقفل ، وخلف حريث بن قطبة مولى خزاعة وقال : إذا استوفيت الفدية فرد عليهم الرهن .

وسار المهلب ، فلما صار ببلخ كتب إلى حريث : إني لست آمن إن رددت عليهم الرهن أن يغيروا عليك ، فإذا قبضت الفدية فلا تخل الرهن حتى تقدم أرض بلخ . فقال حريث لملك كش : إن المهلب كتب إلي كذا وكذا ، فإن عجلت الفدية سلمت إليك الرهن وسرت وأخبرته أن كتابه ورد وقد استوفيتها منكم ، ورددت عليكم الرهن .

فعجل ملك كش الفدية وأخذ الرهن ، ورجع حريث ، فعرض لهم الترك فقالوا له : افد نفسك ومن معك ، فقد لقينا يزيد بن المهلب ففدى نفسه . فقال حريث : ولدتني إذا أم يزيد . وقاتلهم فقتلهم وأسر منهم أسرى ، ففدوهم ، فأطلقهم ورد عليهم الفداء .

وبلغ المهلب قوله فقال : يأنف العبد أن تلده أم يزيد . فغضب ، فلما قدم عليه ببلخ قال : أين الرهن ؟ قال : خليتهم قبل وصول كتابك ، وقد كفيت ما خفت . قال : كذبت ، ولكنك تقربت إليهم . وأمر بتجريده ، فجزع من ذلك حتى ظن المهلب أن به مرضا ، فجرده وضربه ثلاثين سوطا . فقال حريث : وددت أنه ضربني ثلاثمائة ولم يجردني ، أنفة وحياء . وحلف ليقتلن المهلب .

فركب يوما مع المهلب فأمر غلامين له أن يضربا المهلب ، فلم يفعلا وقالا : نخاف عليك أن تقتل . وترك حريث إتيان المهلب ، فأرسل إليه أخاه ثابت بن قطبة ليأتيه به وقال له : إنك كبعض ولدي أدبه كبعضهم . فأتى ثابت أخاه وسأله أن يركب إلى المهلب ، فلم يفعل ، وحلف ليقتلنه ، فقال ثابت : إن كان هذا رأيك فاخرج بنا إلى موسى بن عبد الله بن خازم . وخاف ثابت أن يقتل حريث المهلب فيقتلون جميعا ، فخرجا في ثلاثمائة من أصحابهما المنقطعين إليهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية