صفحة جزء
ذكر خلافة يزيد بن عبد الملك

وفيها تولى يزيد بن عبد الملك بن مروان الخلافة ، وكنيته أبو خالد ، بعهد من أخيه سليمان بعد عمر بن عبد العزيز ، ولما احتضر عمر ، قيل له : اكتب إلى يزيد فأوصه بالأمة ، قال : بماذا أوصيه ؟ إنه من بني عبد الملك ، ثم كتب إليه : أما بعد فاتق يا يزيد الصرعة بعد الغفلة ، حين لا تقال العثرة ، ولا تقدر على الرجعة ، إنك تترك ما تترك لمن لا يحمدك ، وتصير إلى من لا يعذرك ، والسلام .

فلما ولي يزيد نزع أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن المدينة ، واستعمل عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس الفهري عليها ، واستقضى عبد الرحمن سلمة بن عبد الله بن الأسد المخزومي ، وأراد معارضة ابن حزم فلم يجد عليه سبيلا ، حتى شكا عثمان بن حيان إلى يزيد بن عبد الملك من ابن حزم ، وأنه ضربه حدين ، وطلب منه أن [ ص: 121 ] يقيده منه ، فكتب يزيد إلى عبد الرحمن بن الضحاك كتابا : أما بعد فانظر فيما ضرب ابن حزم ابن حيان ، فإن كان ضربه في أمر بين أو أمر يختلف فيه ، فلا تلتفت إليه .

فأرسل ابن الضحاك فأحضر ابن حزم ، وضربه حدين في مقام واحد ، ولم يسأله عن شيء .

وعمد يزيد إلى كل ما صنعه عمر بن عبد العزيز مما لم يوافق هواه ، فرده ، ولم يخف شناعة عاجلة ، ولا إثما عاجلا ، فمن ذلك أن محمد بن يوسف أخا الحجاج بن يوسف كان على اليمن ، فجعل عليهم خراجا مجددا ، فلما ولي عمر بن عبد العزيز كتب إلى عامله بأمره بالاقتصار على العشر ونصف العشر ، وترك ما جدده محمد بن يوسف ، وقال : لأن يأتيني من اليمن حصة ذرة أحب إلي من تقرير هذه الوضيعة ، فلما ولي يزيد بعد عمر أمر بردها ، وقال لعامله : خذها منهم ولو صاروا حرضا ، والسلام .

التالي السابق


الخدمات العلمية