[ ص: 298 ] الطبقة الثانية من ملوك الروم  المتنصرة 
ثم ملك  
قسطنطين  المعروف بأمه 
هيلانى  في جميع بلاد 
الروم  ، وجرى بينه وبين  
مقسيمانوس  وابنه حروب كثيرة ، فلما ماتا استولى على الملك وتفرد به ، وكان ملكه ثلاثا وثلاثين سنة وثلاثة أشهر ، وهو الذي تنصر من ملوك 
الروم  وقاتل عليها حتى قبلها الناس ودانوا بها إلى هذا الوقت . 
وقد اختلفوا في سبب تنصره ، فقيل : إنه كان به برص وأرادوا نزعه فأشار عليه بعض وزرائه ممن كان يكتم النصرانية بإحداث دين يقاتل عليه ثم حسن له النصرانية ليساعده من دان به ، ففعل ذلك . فتبعه 
النصارى  من 
الروم  مع أصحابه وخاصته ، فقوي بهم وقهر من خالفه . 
وقيل : إنه سير عساكر على أسماء أصنامهم ، فانهزمت العساكر ، وكان لهم سبعة أصنام على أسماء الكواكب السبعة على عادة 
الصابئين  ، فقال له وزير له يكتم النصرانية في هذا وأزرى بالأصنام وأشار إليه بالنصرانية . فأجابه ، فظفر ، ودام ملكه ، وقيل غير ذلك . 
وهو الذي بنى مدينة 
القسطنطينية  لثلاث سنين خلت من ملكه بمكانها الآن ، اختاره لحصانته ، وهي على الخليج الآخذ من البحر الأسود إلى بحر
الروم  ، والمدينة   
[ ص: 299 ] على البر المتصل 
برومية  وبلاد الفرنج   والأندلس  ، 
والروم  تسميها 
استنبول  ، يعني مدينة الملك . 
ولعشرين سنة مضت من ملكه كان السنهودس الأول بمدينة 
نيقية  من بلاد 
الروم  ، ومعناه الاجتماع ، فيه ألفان وثمانية وأربعون أسقفا ، فاختار منهم ثلاثمائة وثمانية عشر أسقفا متفقين غير مختلفين ، فحرموا  
آريوس الإسكندراني  الذي يضاف إليه 
الآريوسية  من 
النصارى  ، 
ووضع شرائع النصرانية بعد أن لم تكن ، وكان رئيس هذا المجمع بطرق 
الإسكندرية    . 
وفي السنة السابعة من ملكه سارت أمه 
هيلانى الرهاوية  ، كان أبوه سباها من 
الرهاء  ، فأولدها هذا الملك ، فسارت إلى 
البيت المقدس  وأخرجت الخشبة التي تزعم 
النصارى  أن 
المسيح  صلب عليها ، وجعلت ذلك اليوم عيدا ، فهو عيد الصليب ، وبنت 
الكنيسة المعروفة بقمامة ، وتسمى القيامة  ، وهي إلى وقتنا هذا يحجها أنواع 
النصارى    . 
وقيل : كان مسيرها بعد ذلك لأن ابنها دان النصرانية في قول بعضهم بعد عشرين سنة من ملكه . وفي السنة الحادية والعشرين من ملكه طبق جميع مماليكه بالبيع هو وأمه ، منها : كنيسة 
حمص  ، وكنيسة 
الرهاء  ، وهي من العجائب . 
ثم ملك بعده  
قسطنطين  أنطاكية  أربعا وعشرين سنة بعهد من أبيه إليه وسلم إليه 
القسطنطينية  ، وإلى أخيه  
قسطنس  أنطاكية  ، 
والشام  ، 
ومصر  ، 
والجزيرة  ، وإلى أخيه  
قسطوس  رومية  وما يليها من بلاد الفرنج 
والصقالبة  ، وأخذ عليهما المواثيق بالانقياد لأخيهما  
قسطنطين     . 
ثم ملك بعده  
يوليانوس  ابن أخيه سنتين ، وكان يدين بمذهب 
الصابئين  ويخفي ذلك . فلما ملك أظهرها وخرب البيع وقتل 
النصارى  ، وهو الذي سار إلى 
العراق  أيام   
[ ص: 300 ]  nindex.php?page=showalam&ids=15954سابور بن أردشير  فقتل بسهم غرب ، وقد ذكر  
أبو جعفر  خبر هذا الملك مع  
سابور ذي الأكتاف  وهو بعد  
 nindex.php?page=showalam&ids=15954سابور بن أردشير     . 
ثم ملك بعده  
يونيانوس  سنة فأظهر دين النصرانية ودان بها وعاد من 
العراق    . 
ثم ملك بعده  
ولنطيوش  اثنتي عشرة سنة وخمسة أشهر ، ثم ملك  
والنس  ثلاث سنين وثلاثة أشهر ، ثم ملك  
والنطيانوس  ثلاث سنين . ثم ملك  
تدوس الكبير  ، ومعناه عطية الله ، تسع عشرة سنة ، وفي ملكه كان السنهودس الثاني بمدينة 
القسطنطينية  ، اجتمع فيه مائة وخمسون أسقفا لعنوا  
مقدونس  وأشياعه ، وكان فيه بطرق 
الإسكندرية  وبطرق 
أنطاكية  وبطرق 
البيت المقدس  ، والمدن التي يكون فيها كراسي البطرق أربع : إحداهما 
رومية  ، وهي  
لبطرس الحواري  ، والثانية 
الإسكندرية  ، وهي  
لمرقس  أحد أصحاب الأناجيل الأربعة ، والثالثة 
القسطنطينية  ، والرابعة 
أنطاكية  ، وهي  
لبطرس  أيضا ، ولثماني سنين من ملكه ظهر أصحاب الكهف . 
ثم ظهر بعده  
أرقاديوس بن تدوس  ثلاث عشرة سنة ، ثم ملك  
تدوس الصغير بن تدوس الكبير  اثنتين وأربعين سنة ، ولإحدى وعشرين   
[ ص: 301 ] سنة من ملكه كان السنهودس الثالث بمدينة 
أفسس  ، وحضر هذا المجمع مائتا أسقف ، وكان سببه ما ظهر من  
نسطورس  بطرق 
القسطنطينية  ، وهو رأس النسطورية من 
النصارى  ، من مخالفة مذهبهم فلعنوه ونفوه ، فسار إلى صعيد 
مصر  فأقام ببلاد  
إخميم  ، ومات بقرية يقال لها 
سيصلح  ، وكثر أتباعه ، وصار بسبب ذلك بينهم وبين مخالفيهم حرب وقتال ، ثم دثرت مقالته إلى أن أحياها  
برصوما مطران نصيبين   قديما . 
ومن العجائب أن  
 nindex.php?page=showalam&ids=14592الشهرستاني  مصنف كتاب : " نهاية الإقدام في الأصول " ، ومصنف كتاب : " الملل والنحل " ، في ذكر المذاهب والآراء القديمة والجديدة ، ذكر فيه أن  
نسطور  كان أيام  
 nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون  ، وهذا تفرد به ، ولا أعلم له في ذلك موافقا . 
ثم ملك بعده  
مرقيان  ست سنين ، وفي أول سنة من ملكه كان السنهودس الرابع على  
تسقرس  بطرق 
القسطنطينية  ، اجتمع فيه ثلاثمائة وثلاثون أسقفا ، وفي هذا المجمع خالفت 
اليعقوبية  سائر 
النصارى    . 
ثم ملك  
ليون  ست عشرة سنة ، ثم ملك  
ليون  الصغير سنة ، وكان يعقوبي المذهب ، ثم ملك  
زينون  سبع سنين ، وكان يعقوبيا ، فزهد في الملك فاستخلف ابنا له   
[ ص: 302 ] فهلك ، فعاد إلى الملك ، ثم ملك  
نسطاس  سبعا وعشرين سنة ، وكان يعقوبي المذهب ، وهو الذي بنى 
عمورية  ، فلما حفر أساسها أصاب فيه مالا وفى بالنفقة على بنائها وفضل منه شيء بنى به بيعا وأديرة . 
ثم ملك  
يوسطين  سبع سنين ، وأكثر القتل في 
اليعقوبية    . 
ثم ملك  
يوسطانوس  تسعا وعشرين سنة ، وبنى 
بالرهاء  كنيسة عجيبة ، وفي أيامه كان السنهودس الخامس 
بالقسطنطينية  ، فحرموا  
أدريحا  أسقف 
منبج  لقوله بتناسخ الأرواح في أجساد الحيوان ، وأن الله يفعل ذلك جزاء ما ارتكبوه . وفي أيامه كان بين اليعاقبة والملكية ببلاد 
مصر  فتن ، وفي أيامه ثار 
اليهود  بالبيت المقدس  وجبل الخليل  على 
النصارى  فقتلوا منهم خلقا كثيرا ، وبنى الملك من البيع والأديرة شيئا كثيرا . 
ثم ملك  
يوسطينوس  ثلاث عشرة سنة ، وفي أيامه كان  
كسرى أنوشروان  ، ثم ملك  
طبايوس  ثلاث سنين وثمانية أشهر ، وكان بينه وبين  
أنوشروان  مراسلات ومهاداة ، وكان مغرى بالبناء وتحسينه وتزويقه . 
ثم ملك  
موريق  عشرين سنة وأربعة أشهر ، وفي أيامه ظهر رجل من أهل مدينة   
[ ص: 303 ] حماة  يعرف  
بمارون  إليه تنسب 
المارونية  من 
النصارى  ، وأحدث رأيا يخالف من تقدمه ، وتبعه خلق كثير 
بالشام  ، ثم إنهم انقرضوا ولم يعرف الآن منهم أحد . 
وهذا  
موريق  هو الذي قصده  
 nindex.php?page=showalam&ids=16848كسرى أبرويز  حين انهزم من  
بهرام جوبين  فزوجه ابنته وأمده بعساكره وأعاده إلى ملكه ، على ما نذكره إن شاء الله . 
ثم ملك بعده  
فوقاس  ، وكان من بطارقة  
موريق  ، فوثب به فاغتاله فقتله وملك 
الروم  بعده ، وكان ملكه ثماني سنين وأربعة أشهر ، ولما ملك تتبع ولد  
موريق  وحاشيته بالقتل ، فلما بلغ ذلك  
أبرويز  غضب وسير الجنود إلى 
الشام  ومصر  فاحتوى عليهما وقتلوا من 
النصارى  خلقا كثيرا ، وسيرد ذلك عند ذكر  
أبرويز     . 
ثم ملك  
هرقل  ، وكان سبب ملكه أن عساكر 
الفرس  لما فتكت في 
الروم  ساروا حتى نزلوا على خليج 
القسطنطينية  وحصروها ، وكان  
هرقل  يحمل الميرة في البحر إلى أهلها ، فحسن موقع ذلك من 
الروم  وبانت شهامته وشجاعته وأحبه 
الروم  فحملهم على الفتك  
بفوقاس  ، وذكرهم سوء آثاره ، ففعلوا ذلك وقتلوه وملكوا عليهم  
هرقل     .