[ ص: 339 ] ذكر 
خلع  سليمان بن هشام بن عبد الملك  مروان بن محمد  
وفي هذه السنة خلع  
سليمان بن هشام بن عبد الملك  مروان بن محمد  وحاربه . 
وكان السبب في ذلك ما ذكرنا من قدوم الجنود عليه وتحسينهم له خلع  
مروان  ، وقالوا له : أنت أرضى عند الناس من  
مروان  وأولى بالخلافة . فأجابهم إلى ذلك وسار بإخوته ومواليه معهم فعسكر 
بقنسرين  ، وكاتب 
أهل الشام   ، فأتوه من كل وجه ، وبلغ الخبر  
مروان  فرجع إليه من 
قرقيسيا  ، وكتب إلى  
ابن هبيرة  يأمره بالمقام ، واجتاز  
مروان  في رجوعه 
بحصن الكامل  وفيه جماعة من موالي  
سليمان  وأولاد  
هشام  فتحصنوا منه ، فأرسل إليهم : إني أحذركم أن تعرضوا لأحد ممن يتبعني من جندي بأذى ، فإن فعلتم فلا أمان لكم عندي . فأرسلوا إليه : إنا نستكف . ومضى  
مروان  ، فجعلوا يغيرون على من يتبعه من أخريات الناس ، وبلغه ذلك فتغيظ عليهم . 
واجتمع إلى  
سليمان  نحو من سبعين ألفا من 
أهل الشام   والذكوانية  وغيرهم ، وعسكر 
بقرية خساف  من أرض 
قنسرين  ، وأتاه  
مروان  فواقعه عند وصوله ، فاشتد بينهم القتال ، وانهزم  
سليمان  ومن معه ، واتبعتهم خيل  
مروان  تقتل وتأسر ، واستباحوا عسكرهم ، ووقف  
مروان  موقفا ووقف ابناه موقفين ، ووقف كوثر صاحب شرطته موقفا ، وأمرهم أن لا يأتوا بأسير إلا قتلوه إلا عبدا مملوكا . فأحصي من قتلاهم يومئذ [ ما ] نيف على ثلاثين ألف قتيل ، وقتل  
إبراهيم بن سليمان  أكبر ولده ،  
وخالد بن هشام المخزومي  خال  
 nindex.php?page=showalam&ids=17243هشام بن عبد الملك  ، وادعى كثير من الأسراء للجند أنهم عبيد ، فكف عن قتلهم وأمر ببيعهم فيمن يزيد مع من أصيب من عسكرهم . 
ومضى  
سليمان  حتى انتهى إلى 
حمص  ، وانضم إليه من أفلت ممن كان معه ، فعسكر بها وبنى ما كان  
مروان  أمر بهدمه من حيطانها . وسار  
مروان  إلى حصن الكامل حنقا على من فيه فحصرهم وأنزلهم على حكمه ، فمثل بهم وأخذهم أهل 
الرقة  فداووا جراحاتهم ، فهلك بعضهم وبقي أكثرهم ، وكانت عدتهم نحوا من ثلاثمائة . ثم سار إلى  
سليمان  ومن معه ، فقال بعضهم لبعض : حتى متى ننهزم من  
مروان  ؟ فتبايع سبعمائة من فرسانهم على الموت ، وساروا بأجمعهم مجمعين على أن يبيتوه إن أصابوا منه غرة . وبلغه خبرهم فتحرز منهم وزحف إليهم في الخنادق على احتراس وتعبية ، فلم يمكنهم أن يبيتوه ، فكمنوا في زيتون على طريقه ، فخرجوا عليه وهو يسير على تعبية فوضعوا   
[ ص: 340 ] السلاح فيمن معه ، وانتبذ لهم ونادى خيوله ، فرجعت إليه ، فقاتلوه من لدن ارتفاع النهار إلى بعد العصر ، وانهزم أصحاب  
سليمان  ، وقتل منهم نحو من ستة آلاف . 
فلما بلغ  
سليمان  هزيمتهم خلف أخاه  
سعيدا  بحمص  ومضى هو إلى 
تدمر  فأقام بها ، ونزل  
مروان  على 
حمص  فحصر أهلها عشرة أشهر ، ونصب عليهم نيفا وثمانين منجنيقا يرمى بها الليل والنهار ، وهم يخرجون إليه كل يوم فيقاتلونه ، وربما بيتوا نواحي عسكره . فلما تتابع عليهم البلاء طلبوا الأمان على أن يمكنوه من  
سعيد بن هشام  وابنيه  
وعثمان  ومروان  ومن رجل كان يسمى  
السكسكي  ، كان يغير على عسكره ، ومن رجل حبشي كان يشتم  
مروان  ، وكان يشد في ذكره ذكر حمار ثم يقول : يا 
بني سليم  ، يا أولاد كذا وكذا هذا لواؤكم . فأجابهم إلى ذلك ، فاستوثق من  
سعيد  وابنيه ، وقتل  
السكسكي  وسلم الحبشي إلى 
بني سليم  فقطعوا ذكره وأنفه ومثلوا به . فلما فرغ من 
حمص  سار نحو  
الضحاك  الخارجي . 
وقيل : إن  
سليمان بن هشام  لما انهزم بخساف أقبل هاربا حتى صار إلى  
عبد الله بن عمر  بن  
عبد العزيز  بالعراق  ، فخرج معه إلى  
الضحاك  فبايعه وحرض على  
مروان  ، فقال بعض شعرائهم : ألم تر أن الله أظهر دينه وصلت 
قريش  خلف 
بكر بن وائل  
فلما رأى  
النضر ( بن سعيد الحرشي  ، وكان قد ولي 
العراق  ، على ما نذكره إن شاء الله ) ، ذلك علم أنه لا طاقة له  
 nindex.php?page=showalam&ids=12بعبد الله بن عمر  ، فسار إلى  
مروان  ، فلما كان 
بالقادسية  خرج إليه  
ابن ملجان  ، خليفة  
الضحاك  بالكوفة  ، فقاتله ، فقتله  
النضر  ، واستعمل  
الضحاك  على 
الكوفة  المثنى بن عمران العائذي     . 
ثم سار  
الضحاك  في ذي القعدة إلى 
الموصل  ، وأقبل  
ابن هبيرة  حتى نزل 
بعين التمر  ، فسار إليه  
المثنى بن عمران  فاقتتلوا أياما ، فقتل  
المثنى  وعدة من قواد  
الضحاك  وانهزمت 
الخوارج  ومعهم  
منصور بن جمهور  ، وأتوا 
الكوفة  فجمعوا من بها منهم ، وساروا   
[ ص: 341 ] نحو  
ابن هبيرة  فلقوه ، فقاتلهم أياما وانهزمت 
الخوارج  ، وأتى  
ابن هبيرة  إلى 
الكوفة  وسار إلى 
واسط  ، ولما بلغ  
الضحاك  ما لقي أصحابه أرسل  
عبيدة بن سوار التغلبي  إليهم فنزل 
الصراة  ، فرجع  
ابن هبيرة  إليهم فالتقوا 
بالصراة  ، وسيرد خبر خروج  
الضحاك  بعدها إن شاء الله تعالى . 
(  
الحرشي     : بفتح الحاء المهملة ، وبالشين المعجمة ) .