صفحة جزء
ذكر موت السفاح

في هذه السنة مات السفاح بالأنبار لثلاث عشرة مضت من ذي الحجة ، وقيل : لاثنتي عشرة مضت منه ، بالجدري ، وكان له يوم مات ثلاث وثلاثون سنة ، وقيل : ست وثلاثون ، وقيل : ثمان وعشرون سنة .

وكانت ولايته من لدن قتل مروان إلى أن توفي أربع سنين . ومن لدن بويع له بالخلافة إلى أن مات أربع سنين وثمانية أشهر ، وقيل : وتسعة أشهر ، منها ثمانية أشهر يقاتل مروان .

وكان جعدا ، طويلا ، أبيض ، أقنى الأنف ، حسن الوجه واللحية .

وأمه ريطة بنت عبيد الله بن عبد الله بن عبد المدان الحارثي ، وكان وزيره أبا الجهم بن عطية .

وصلى عليه عمه عيسى بن علي ودفنه بالأنبار العتيقة [ في قصره ] . وخلف تسع جباب ، وأربعة أقمصة ، وخمسة سراويلات ، وأربعة طيالسة ، وثلاثة مطارف خز .

[ ص: 50 ] قال ابن النقاح بيتين من الشعر ، ووجه برجل إلى عسكر مروان ليقدم على الخيل ليلا ، فصيح فيهما وشمس في الناس ، ولا يوجد ، وهما :

يا آل مروان إن الله مهلككم ومبدل بكم خوفا وتشريدا لا عمر الله من إنشائكم أحدا وبثكم في بلاد الخوف تطريدا قال : فعلت ذلك فدخلت قلوبهم مخافة .

قال جعفر بن يحيى : نظر السفاح يوما في المرآة ، وكان أجمل الناس وجها ، فقال : اللهم إني لا أقول كما قال سليمان بن عبد الملك : أنا الملك الشاب ، ولكني [ أقول ] : اللهم عمرني طويلا في طاعتك ممتعا بالعافية .

فما استتم كلامه حتى سمع غلاما يقول لغلام آخر : الأجل بيني وبينك شهران وخمسة أيام . فتطير من كلامه وقال : حسبي الله ولا قوة إلا بالله ، عليك توكلت ، وبك أستعين . فما مضت الأيام حتى أخذته الحمى ، واتصل مرضه فمات بعد شهرين وخمسة أيام .

التالي السابق


الخدمات العلمية