صفحة جزء
فصل في حكمه صلى الله عليه وسلم فيمن تزوج امرأة فوجدها في الحبل

في " السنن " و" المصنف " : عن سعيد بن المسيب عن بصرة بن أكثم قال : تزوجت امرأة بكرا في سترها ، فدخلت عليها فإذا هي حبلى ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لها الصداق بما استحللت من فرجها ، والولد عبد لك ، وإذا ولدت فاجلدوها ) وفرق بينهما .

[ ص: 96 ] وقد تضمن هذا الحكم بطلان نكاح الحامل من زنى ، وهو قول أهل المدينة ، والإمام أحمد ، وجمهور الفقهاء ، ووجوب المهر المسمى في النكاح الفاسد ، وهذا هو الصحيح من الأقوال الثلاثة . والثاني : يجب مهر المثل ، وهو قول الشافعي رحمه الله . والثالث : يجب أقل الأمرين .

وتضمنت وجوب الحد بالحبل وإن لم تقم بينة ولا اعتراف ، والحبل من أقوى البينات ، وهذا مذهب عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وأهل المدينة وأحمد في إحدى الروايتين عنه .

وأما حكمه بكون الولد عبدا للزوج ، فقد قيل : إنه لما كان ولد زنى لا أب له ، وقد غرته من نفسها ، وغرم صداقها أخدمه ولدها ، وجعله له بمنزلة العبد لا أنه أرقه ، فإنه انعقد حرا تبعا لحرية أمه ، وهذا محتمل ، ويحتمل أن يكون أرقه عقوبة لأمه على زناها وتغريرها للزوج ، ويكون هذا خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم وبذلك الولد ، لا يتعدى الحكم إلى غيره ، ويحتمل أن يكون هذا منسوخا . وقد قيل : إنه [ ص: 97 ] كان في أول الإسلام يسترق الحر في الدين ، وعليه حمل بيعه - صلى الله عليه وسلم - لسرق في دينه . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية