صفحة جزء
فصل

وأما من قال يسأل عما أراد من ظهار أو طلاق رجعي أو محرم أو يمين فيكون ما أراد من ذلك ، فمأخذه أن اللفظ لم يوضع لإيقاع الطلاق خاصة ، بل هو محتمل للطلاق والظهار والإيلاء ، فإذا صرف إلى بعضها بالنية فقد استعمله فيما هو صالح له وصرفه إليه بنيته ، فينصرف إلى ما أراده ولا يتجاوز به ولا يقصر عنه ، وكذلك لو نوى عتق أمته بذلك عتقت وكذلك لو نوى الإيلاء من الزوجة واليمين من الأمة لزمه ما نواه ، قالوا : وأما إذا نوى تحريم عينها لزمه بنفس اللفظ كفارة يمين اتباعا لظاهر القرآن وحديث ابن عباس الذي رواه مسلم في " صحيحه " : ( إذا حرم الرجل امرأته فهي يمين يكفرها وتلا : [ ص: 283 ] ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) ) وهذا يشبه ما قاله مجاهد في الظهار ، إنه يلزمه بمجرد التكلم به كفارة الظهار ، وهو في الحقيقة قول الشافعي رحمه الله ، فإنه يوجب الكفارة ، إذا لم يطلق عقيبه على الفور .

قالوا : ولأن اللفظ يحتمل الإنشاء والإخبار ، فإن أراد الإخبار فقد استعمله فيما هو صالح له فيقبل منه . وإن أراد الإنشاء سئل عن السبب الذي حرمها به . فإن قال : أردت ثلاثا أو واحدة أو اثنتين قبل منه لصلاحية اللفظ له ، واقترانه بنيته ، وإن نوى الظهار كان كذلك ؛ لأنه صرح بموجب الظهار ؛ لأن قوله : أنت علي كظهر أمي موجبه التحريم ، فإذا نوى ذلك بلفظ التحريم ، كان ظهارا ، واحتماله للطلاق بالنية لا يزيد على احتماله للظهار بها ، وإن أراد تحريمها مطلقا فهو يمين مكفرة ؛ لأنه امتناع منها بالتحريم ، فهو كامتناعه منها باليمين .

التالي السابق


الخدمات العلمية