صفحة جزء
فصل

وكان من هديه - صلى الله عليه وسلم - أنه لا يصلي على من قتل نفسه ، ولا على من غل من الغنيمة .

واختلف عنه في الصلاة على المقتول حدا ، كالزاني المرجوم ، فصح عنه ( أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى على الجهنية التي رجمها ، فقال عمر تصلي عليها يا رسول الله وقد [ ص: 497 ] زنت ؟ فقال : لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم ، وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله تعالى ) ذكره مسلم .

وذكر البخاري في " صحيحه " قصة ماعز بن مالك ، وقال : فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - خيرا وصلى عليه ، وقد اختلف على الزهري في ذكر الصلاة عليه ، فأثبتها محمود بن غيلان عن عبد الرزاق عنه ، وخالفه ثمانية من أصحاب عبد الرزاق ، فلم يذكروها ، وهم إسحاق بن راهويه ، ومحمد بن يحيى الذهلي ، ونوح بن حبيب ، والحسن بن علي ، ومحمد بن المتوكل ، وحميد بن زنجويه ، وأحمد بن منصور الرمادي .

قال البيهقي : وقول محمود بن غيلان : إنه صلى عليه ، خطأ لإجماع أصحاب عبد الرزاق على خلافه ، ثم إجماع أصحاب الزهري على خلافه .

وقد اختلف في قصة ماعز بن مالك ، فقال أبو سعيد الخدري : ما استغفر له ولا سبه ، وقال بريدة بن الحصيب : إنه قال : ( استغفروا لماعز بن مالك ) ، فقالوا : غفر الله لماعز بن مالك . ذكرهما مسلم .

وقال جابر : فصلى عليه ، ذكره البخاري ، وهو حديث عبد الرزاق المعلل ، وقال أبو برزة الأسلمي : لم يصل عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم ينه عن الصلاة عليه ، ذكره أبو داود .

[ ص: 498 ] قلت : حديث الغامدية لم يختلف فيه أنه ( صلى عليها ) . وحديث ماعز إما أن يقال لا تعارض بين ألفاظه ، فإن الصلاة فيه هي دعاؤه له بأن يغفر الله له ، وترك الصلاة فيه هي تركه الصلاة على جنازته تأديبا وتحذيرا ، وإما أن يقال إذا تعارضت ألفاظه ، عدل عنه إلى حديث الغامدية .

التالي السابق


الخدمات العلمية