صفحة جزء
فصل

وكان - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى على ميت تبعه إلى المقابر ماشيا أمامه .

وهذه كانت سنة خلفائه الراشدين من بعده وسن لمن تبعها إن كان راكبا أن يكون وراءها ، وإن كان ماشيا أن يكون قريبا منها ، إما خلفها أو أمامها ، أو عن يمينها أو عن شمالها . وكان يأمر بالإسراع بها ، حتى إن كانوا ليرملون بها رملا ، وأما دبيب الناس اليوم خطوة خطوة ، فبدعة مكروهة مخالفة للسنة ، ومتضمنة للتشبه بأهل الكتاب اليهود . وكان أبو بكرة يرفع السوط على من يفعل ذلك ويقول : ( لقد رأيتنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نرمل رملا ) .

قال ابن مسعود - رضي الله عنه - سألنا نبينا - صلى الله عليه وسلم - عن المشي مع الجنازة ، فقال : ( ما دون الخبب ) ، رواه أهل السنن وكان يمشي إذا تبع الجنازة ، ويقول : [ ص: 499 ] ( لم أكن لأركب والملائكة يمشون ) . فإذا انصرف عنها فربما مشى ، وربما ركب .

وكان إذا تبعها لم يجلس حتى توضع ، وقال : ( إذا تبعتم الجنازة فلا تجلسوا حتى توضع ) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله : والمراد وضعها بالأرض . قلت : قال أبو داود : روى هذا الحديث الثوري ، عن سهيل عن أبيه ، عن أبي هريرة . قال : وفيه " حتى توضع بالأرض " ، ورواه أبو معاوية ، عن سهيل ، وقال : " حتى توضع في اللحد " . قال : وسفيان أحفظ من أبي معاوية ، وقد روى أبو داود والترمذي ، عن عبادة بن الصامت ، قال : ( كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوم في الجنازة حتى توضع في اللحد ) . لكن في إسناده بشر بن رافع ، قال الترمذي : ليس بالقوي في الحديث ، وقال البخاري : لا يتابع على حديثه ، وقال أحمد : ضعيف ، وقال ابن معين : حدث بمناكير ، وقال النسائي : ليس بالقوي ، وقال ابن حبان : يروي أشياء موضوعة كأنه المتعمد لها .

التالي السابق


الخدمات العلمية