صفحة جزء
فصل ومن ذلك اختلافهم في الأقراء ، هل هي الحيض أو الأطهار ؟ فقال أكابر [ ص: 533 ] الصحابة : إنها الحيض ، هذا قول أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وابن مسعود ، وأبي موسى ، وعبادة بن الصامت ، وأبي الدرداء ، وابن عباس ، ومعاذ بن جبل رضي الله عنهم ، وهو قول أصحاب عبد الله بن مسعود ، كلهم كعلقمة ، والأسود ، وإبراهيم ، وشريح ، وقول الشعبي ، والحسن ، وقتادة ، وقول أصحاب ابن عباس ، سعيد بن جبير ، وطاوس ، وهو قول سعيد بن المسيب ، وهو قول أئمة الحديث : كإسحاق بن إبراهيم ، وأبي عبيد القاسم ، والإمام أحمد رحمه الله ، فإنه رجع إلى القول به ، واستقر مذهبه عليه ، فليس له مذهب سواه ، وكان يقول : إنها الأطهار ، فقال في رواية الأثرم : رأيت الأحاديث عمن قال : القروء الحيض ، تختلف .

والأحاديث عمن قال : إنه أحق بها حتى تدخل في الحيضة الثالثة أحاديث صحاح قوية ، وهذا النص وحده هو الذي ظفر به أبو عمر بن عبد البر ، فقال : رجع أحمد إلى أن الأقراء : الأطهار ، وليس كما قال : بل كان يقول هذا أولا ، ثم توقف فيه ، فقال في رواية الأثرم أيضا : قد كنت أقول الأطهار ، ثم وقفت كقول الأكابر ، ثم جزم أنها الحيض ، وصرح بالرجوع عن الأطهار ، فقال في رواية ابن هانئ . كنت أقول : إنها الأطهار ، وأنا اليوم أذهب إلى أن الأقراء الحيض ، قال القاضي أبو يعلى : وهذا هو الصحيح عن أحمد رحمه الله ، وإليه ذهب أصحابنا ، ورجع عن قوله بالأطهار ، ثم ذكر نص رجوعه من رواية ابن هانئ كما تقدم ، وهو قول أئمة أهل الرأي ؛ كأبي حنيفة وأصحابه .

التالي السابق


الخدمات العلمية