صفحة جزء
فصل

وإن كانت ممن يوطأ مثلها ، فإن كانت بكرا ، وقلنا : لا يجب استبراؤها ، فظاهر ، وإن قلنا : يجب استبراؤها ، فقال أصحابنا : تحرم قبلتها ومباشرتها ، وعندي أنه لا يحرم ، ولو قلنا بوجوب استبرائها ؛ لأنه لا يلزم من تحريم الوطء تحريم دواعيه ، كما في حق الصائم ، لا سيما وهم إنما حرموا تحريم مباشرتها ؛ لأنها قد تكون حاملا ، فيكون مستمتعا بأمة الغير ، هكذا عللوا تحريم المباشرة ، ثم قالوا : ولهذا لا يحرم الاستمتاع بالمسبية بغير الوطء قبل الاستبراء في إحدى الروايتين ؛ لأنها لا يتوهم فيها انفساخ الملك ؛ لأنه قد استقر بالسبي فلم يبق لمنع الاستمتاع بالقبلة وغيرها من البكر معنى .

وإن كانت ثيبا ، فقال أصحاب أحمد ، والشافعي ، وغيرهم : يحرم الاستمتاع بها قبل الاستبراء ، قالوا : لأنه استبراء يحرم الوطء ، فحرم الاستمتاع بها قبل الاستبراء كالعدة ، ولأنه لا يأمن [ ص: 656 ] كونها حاملا ، فتكون أم ولد ، والبيع باطل ، فيكون مستمتعا بأم ولد غيره . قالوا : ولهذا فارق وطء تحريم الحائض والصائم .

وقال الحسن البصري : لا يحرم من المستبرأة إلا فرجها وله أن يستمتع منها بما شاء ما لم يطأ ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما منع من الوطء قبل الاستبراء ، ولم يمنع مما دونه ، ولا يلزم من تحريم الوطء تحريم ما دونه ، كالحائض والصائمة وقد قيل : إن ابن عمر قبل جاريته من السبي حين وقعت في سهمه قبل استبرائها .

ولمن نصر هذا القول أن يقول : الفرق بين المشتراة والمعتدة : أن المعتدة قد صارت أجنبية منه ، فلا يحل وطؤها ولا دواعيه ، بخلاف المملوكة ، فإن وطأها إنما يحرم قبل الاستبراء خشية اختلاط مائه بماء غيره ، وهذا لا يوجب تحريم الدواعي ، فهي أشبه بالحائض والصائمة ، ونظير هذا أنه لو زنت امرأته أو جاريته ، حرم عليه وطؤها قبل الاستبراء ، ولا يحرم دواعيه وكذلك المسبية كما سيأتي .

وأكثر ما يتوهم كونها حاملا من سيدها ، فينفسخ البيع ، فهذا بناء على تحريم بيع أمهات الأولاد على علاته ، ولا يلزم القائل به ؛ لأنه لما استمتع بها ، كانت ملكه ظاهرا ، وذلك يكفي في جواز الاستمتاع ، كما يخلو بها ويحدثها ، وينظر منها ما لا يباح من الأجنبية ، وما كان جوابكم عن هذه الأمور ، فهو الجواب عن القبلة والاستمتاع ، ولا يعلم في جواز هذا نزاع ، فإن المشتري لا يمنع من قبض أمته وحوزها إلى بيته ، وإن كان وحده قبل الاستبراء ، ولا يجب عليها أن تستر وجهها منه ، ولا يحرم عليه النظر إليها والخلوة بها ، والأكل معها ، واستخدامها ، والانتفاع بمنافعها ، وإن لم يجز له ذلك في ملك الغير .

التالي السابق


الخدمات العلمية