صفحة جزء
فصل

ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم تقدير المسافة التي يفطر فيها الصائم بحد ، ولا صح عنه في ذلك شيء . ( وقد أفطر دحية بن خليفة الكلبي في سفر ثلاثة أميال ، وقال لمن صام : قد رغبوا عن هدي محمد صلى الله عليه وسلم ) .

وكان الصحابة حين ينشئون السفر يفطرون من غير اعتبار مجاوزة البيوت ، ويخبرون أن ذلك سنته وهديه صلى الله عليه وسلم ، كما قال ( عبيد بن جبر : ركبت مع أبي بصرة الغفاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفينة من الفسطاط في رمضان ، فلم يجاوز البيوت حتى دعا بالسفرة . قال : اقترب . قلت : ألست ترى البيوت ؟ قال أبو بصرة : أترغب عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ؟ رواه أبو داود وأحمد .

ولفظ أحمد : ( ركبت مع أبي بصرة من الفسطاط إلى الإسكندرية في سفينة ، فلما دنونا من مرساها أمر بسفرته فقربت ، ثم دعاني إلى الغداء وذلك في رمضان . فقلت : يا أبا بصرة والله ما تغيبت عنا منازلنا بعد ؟ قال أترغب عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقلت : لا . قال : فكل . قال : فلم نزل مفطرين حتى بلغنا ) .

وقال محمد بن كعب : أتيت أنس بن مالك في رمضان وهو يريد سفرا وقد رحلت له راحلته ، وقد لبس ثياب السفر ، فدعا بطعام فأكل ، فقلت له : سنة ؟ [ ص: 54 ] قال : سنة ، ثم ركب . قال الترمذي : حديث حسن ، وقال الدارقطني فيه : فأكل وقد تقارب غروب الشمس .

وهذه الآثار صريحة في أن من أنشأ السفر في أثناء يوم من رمضان فله الفطر فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية