صفحة جزء
فصل وكان من هديه صلى الله عليه وسلم أن يدركه الفجر وهو جنب من أهله ، فيغتسل بعد الفجر ويصوم .

( وكان يقبل بعض أزواجه وهو صائم في رمضان ) [ ص: 55 ] وشبه قبلة الصائم بالمضمضة بالماء .

وأما ما رواه أبو داود عن مصدع بن يحيى ، عن عائشة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ( كان يقبلها وهو صائم ويمص لسانها ) فهذا الحديث قد اختلف فيه ، فضعفه طائفة بمصدع هذا ، وهو مختلف فيه ، قال السعدي : زائغ جائر عن الطريق ، وحسنه طائفة وقالوا : هو ثقة صدوق ، روى له مسلم في " صحيحه " ، وفي إسناده محمد بن دينار الطاحي البصري ، مختلف فيه أيضا ، قال يحيى : ضعيف ، وفي رواية عنه : ليس به بأس ، وقال غيره : صدوق ، وقال ابن عدي : قوله : ويمص لسانها لا يقوله إلا محمد بن دينار ، وهو الذي رواه ، وفي إسناده أيضا سعد بن أوس مختلف فيه أيضا ، قال يحيى : بصري ضعيف ، وقال غيره : ثقة ، وذكره ابن حبان في الثقات . . .

وأما الحديث الذي رواه أحمد وابن ماجه عن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت : " سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن رجل قبل امرأته وهما صائمان ، فقال : قد أفطر " فلا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفيه أبو يزيد الضني ، رواه عن ميمونة ، وهي بنت سعد ، قال الدارقطني : ليس بمعروف ، ولا يثبت هذا ، وقال البخاري : هذا لا أحدث به ، هذا حديث منكر ، وأبو يزيد رجل مجهول .

ولا يصح عنه صلى الله عليه وسلم التفريق بين الشاب والشيخ ، ولم يجئ من وجه يثبت ، [ ص: 56 ] وأجود ما فيه حديث أبي داود عن نصر بن علي ، عن أبي أحمد الزبيري : حدثنا إسرائيل ، عن أبي العنبس ، عن الأغر ، عن أبي هريرة ، ( أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المباشرة للصائم ، فرخص له ، وأتاه آخر فسأله فنهاه ، فإذا الذي رخص له شيخ ، وإذا الذي نهاه شاب ) وإسرائيل وإن كان البخاري ومسلم قد احتجا به وبقية الستة ، فعلة هذا الحديث أن بينه وبين الأغر فيه أبا العنبس العدوي الكوفي ، واسمه الحارث بن عبيد ، سكتوا عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية