صفحة جزء
فصل

في أسمائه صلى الله عليه وسلم

وكلها نعوت ليست أعلاما محضة لمجرد التعريف ، بل أسماء مشتقة من [ ص: 85 ] صفات قائمة به توجب له المدح والكمال .

فمنها محمد ، وهو أشهرها ، وبه سمي في التوراة صريحا كما بيناه بالبرهان الواضح في كتاب " جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام " وهو كتاب فرد في معناه لم يسبق إلى مثله في كثرة فوائده وغزارتها ، بينا فيه الأحاديث الواردة في الصلاة والسلام عليه ، وصحيحها من حسنها ومعلولها ، وبينا ما في معلولها من العلل بيانا شافيا ، ثم أسرار هذا الدعاء وشرفه وما اشتمل عليه من الحكم والفوائد ، ثم مواطن الصلاة عليها ومحالها ، ثم الكلام في مقدار الواجب منها ، واختلاف أهل العلم فيه وترجيح الراجح وتزييف المزيف ، ومخبر الكتاب فوق وصفه .

والمقصود أن اسمه محمد في التوراة صريحا بما يوافق عليه كل عالم من مؤمني أهل الكتاب .

ومنها أحمد ، وهو الاسم الذي سماه به المسيح لسر ذكرناه في ذلك الكتاب .

ومنها : المتوكل ، ومنها الماحي ، والحاشر ، والعاقب ، والمقفي ، ونبي التوبة ، ونبي الرحمة ، ونبي الملحمة ، والفاتح ، والأمين .

ويلحق بهذه الأسماء : الشاهد ، والمبشر ، والبشير ، والنذير ، والقاسم ، والضحوك ، والقتال ، وعبد الله ، والسراج المنير ، وسيد ولد آدم ، وصاحب لواء الحمد ، وصاحب المقام المحمود ، وغير ذلك من الأسماء ؛ لأن أسماءه إذا كانت أوصاف مدح فله من كل وصف اسم ، لكن ينبغي أن يفرق بين الوصف المختص به أو الغالب عليه ويشتق له منه اسم ، وبين الوصف المشترك فلا يكون له منه اسم يخصه .

[ ص: 86 ] وقال جبير بن مطعم : سمى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه أسماء ، فقال : ( : أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر ، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي ، والعاقب الذي ليس بعده نبي ) .

وأسماؤه صلى الله عليه وسلم نوعان :

أحدهما : خاص لا يشاركه فيه غيره من الرسل ، كمحمد ، وأحمد ، والعاقب ، والحاشر ، والمقفي ، ونبي الملحمة .

والثاني : ما يشاركه في معناه غيره من الرسل ولكن له منه كماله ، فهو مختص بكماله دون أصله ، كرسول الله ، ونبيه ، وعبده ، والشاهد ، والمبشر ، والنذير ، ونبي الرحمة ، ونبي التوبة .

وأما إن جعل له من كل وصف من أوصافه اسم تجاوزت أسماؤه المائتين ، كالصادق ، والمصدوق ، والرءوف الرحيم ، إلى أمثال ذلك . وفي هذا قال من قال من الناس : إن لله ألف اسم ، وللنبي صلى الله عليه وسلم ألف اسم ، قاله أبو الخطاب بن دحية ، ومقصوده الأوصاف .

التالي السابق


الخدمات العلمية