فصل 
وأما قول من قال : إنه حج متمتعا تمتعا حل فيه من إحرامه ، ثم أحرم يوم التروية بالحج مع سوق الهدي . فعذره ما تقدم من حديث 
معاوية  ، أنه قصر عن  
[ ص: 129 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمشقص في العشر ، وفي لفظ : وذلك في حجته . وهذا مما أنكره الناس على 
معاوية  ، وغلطوه فيه ، وأصابه فيه ما أصاب 
 nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر  في قوله : إنه اعتمر في رجب ، فإن سائر الأحاديث الصحيحة المستفيضة من الوجوه المتعددة كلها تدل على 
أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يحل من إحرامه إلا يوم النحر ، ولذلك أخبر عن نفسه بقوله : ( 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16001071لولا أن معي الهدي لأحللت  ) ، وقوله : ( 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16001072إني سقت الهدي وقرنت فلا أحل حتى أنحر  ) . وهذا خبر عن نفسه ، فلا يدخله الوهم ولا الغلط ، بخلاف خبر غيره عنه ، لا سيما خبرا يخالف ما أخبر به عن نفسه ، وأخبر عنه به الجم الغفير ، أنه لم يأخذ من شعره شيئا ، لا بتقصير ولا حلق ، وأنه بقي على إحرامه حتى حلق يوم النحر ، ولعل 
معاوية  قصر عن رأسه في عمرة 
الجعرانة  ، فإنه كان حينئذ قد أسلم ، ثم نسي ، فظن أن ذلك كان في العشر ، كما نسي 
 nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر  أن عمره كانت كلها في ذي القعدة . وقال : كانت [ إحداهن ] في رجب ، وقد كان معه فيها ، والوهم جائز على من سوى الرسول صلى الله عليه وسلم . فإذا قام الدليل عليه ، صار واجبا . 
وقد قيل : إن 
معاوية  لعله قصر عن رأسه بقية شعر لم يكن استوفاه الحلاق يوم النحر ، فأخذه 
معاوية  على 
المروة  ، ذكره 
 nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد بن حزم  ، وهذا أيضا من وهمه ، فإن الحلاق لا يبقي غلطا شعرا يقصر منه ، ثم يبقي منه بعد التقصير بقية يوم النحر ، وقد قسم شعر رأسه بين الصحابة ، فأصاب 
أبا طلحة  أحد الشقين ، وبقية الصحابة اقتسموا الشق الآخر ، الشعرة والشعرتين والشعرات ، وأيضا فإنه لم يسع بين 
الصفا  والمروة  إلا سعيا واحدا وهو سعيه الأول ، لم يسع عقب طواف الإفاضة ، ولا اعتمر بعد الحج قطعا ، فهذا وهم محض . وقيل : هذا  
[ ص: 130 ] الإسناد إلى 
معاوية  وقع فيه غلط وخطأ ، أخطأ فيه 
الحسن بن علي  ، فجعله عن 
معمر  ، عن 
ابن طاووس  ، وإنما هو عن 
هشام بن حجير  ، عن 
ابن طاووس  ، 
وهشام  ضعيف . 
قلت : والحديث الذي في 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  عن 
معاوية  ، 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16001073قصرت عن رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمشقص ولم يزد على هذا ، والذي عند 
 nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم   : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16001074قصرت عن رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمشقص على المروة   . وليس في " الصحيحين " غير ذلك . 
وأما رواية من روى " في أيام العشر " فليست في الصحيح ، وهي معلولة ، أو وهم من 
معاوية   . قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=7246قيس بن سعد   : راويها عن 
عطاء  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس  عنه ، والناس ينكرون هذا على 
معاوية   . وصدق 
قيس  ، فنحن نحلف بالله : إن هذا ما كان في العشر قط . 
ويشبه هذا وهم 
معاوية  في الحديث الذي رواه 
أبو داود  ، عن 
قتادة  ، عن 
أبي شيخ الهنائي  ، أن 
معاوية  قال لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16001075هل تعلمون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كذا ، وعن ركوب جلود النمور ؟ قالوا : نعم . قال : فتعلمون أنه نهى أن يقرن بين الحج والعمرة ؟ قالوا : أما هذه فلا . فقال : أما إنها معها ولكنكم نسيتم  . ونحن نشهد بالله إن هذا وهم من 
معاوية  ، أو كذب عليه ، فلم ينه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك قط ، 
وأبو شيخ  شيخ لا يحتج به ، فضلا عن أن يقدم على الثقات الحفاظ الأعلام ، وإن روى عنه 
قتادة   nindex.php?page=showalam&ids=17298ويحيى بن أبي كثير   . واسمه 
خيوان بن خلدة  بالخاء المعجمة ، وهو مجهول .