صفحة جزء
وهل كان في طوافه هذا راكبا أو ماشيا ؟ فروى مسلم في " صحيحه " ، عن جابر قال : ( طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت في حجة الوداع على راحلته ، يستلم الركن بمحجنه لأن يراه الناس ، وليشرف ، وليسألوه ، فإن الناس غشوه ) .

وفي " الصحيحين " ، عن ابن عباس ، قال : ( طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن ) وهذا الطواف ليس بطواف الوداع فإنه كان ليلا ، وليس بطواف القدوم لوجهين .

أحدهما : أنه قد صح عنه الرمل في طواف القدوم ، ولم يقل أحد قط : رملت به راحلته وإنما قالوا : رمل نفسه .

[ ص: 258 ] والثاني : ( قول الشريد بن سويد : أفضت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فما مست قدماه الأرض حتى أتى جمعا ) وهذا ظاهره أنه من حين أفاض معه ما مست قدماه الأرض إلى أن رجع ، ولا ينتقض هذا بركعتي الطواف ، فإن شأنهما معلوم . قلت : والظاهر أن الشريد بن سويد ، إنما أراد الإفاضة معه من عرفة ، ولهذا قال : حتى أتى جمعا وهي مزدلفة ، ولم يرد الإفاضة إلى البيت يوم النحر ، ولا ينتقض هذا بنزوله عند الشعب حين بال ، ثم ركب ؛ لأنه ليس بنزول مستقر ، وإنما مست قدماه الأرض مسا عارضا . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية