صفحة جزء
فصل قال ابن حزم : وطافت أم سلمة في ذلك اليوم على بعيرها من وراء الناس وهي شاكية ، استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم فأذن لها ، واحتج عليه بما رواه مسلم في " صحيحه " من حديث زينب بنت أم سلمة ، عن أم سلمة ، قالت : ( شكوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم أني أشتكي ، فقال : طوفي من وراء الناس وأنت راكبة ، قالت : فطفت ورسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ يصلي إلى جنب البيت ، وهو يقرأ : ( والطور وكتاب مسطور ) ) ولا يتبين أن هذا الطواف هو طواف الإفاضة ؛ لأن [ ص: 262 ] النبي صلى الله عليه وسلم لم يقرأ في ركعتي ذلك الطواف بالطور ولا جهر بالقراءة بالنهار بحيث تسمعه أم سلمة من وراء الناس وقد بين أبو محمد غلط من قال إنه أخره إلى الليل فأصاب في ذلك .

وقد صح من حديث عائشة ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل بأم سلمة ليلة النحر ، فرمت الجمرة قبل الفجر ، ثم مضت فأفاضت ) فكيف يلتئم هذا مع طوافها يوم النحر وراء الناس ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جانب البيت يصلي ويقرأ في صلاته : ( والطور وكتاب مسطور ) ؟ هذا من المحال ؛ فإن هذه الصلاة والقراءة كانت في صلاة الفجر ، أو المغرب ، أو العشاء ، وأما أنها كانت يوم النحر ، ولم يكن ذلك الوقت رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قطعا ، فهذا من وهمه رحمه الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية