فصل 
وكان غالب ما يلبس هو وأصحابه ما نسج من القطن ، وربما لبسوا ما نسج من الصوف والكتان ، وذكر الشيخ 
 nindex.php?page=showalam&ids=11818أبو إسحاق الأصبهاني  بإسناد صحيح ، عن 
جابر بن أيوب  ، قال : 
دخل الصلت بن راشد  على  nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين  ، وعليه جبة صوف وإزار صوف وعمامة صوف ، فاشمأز منه محمد  ، وقال أظن أن أقواما يلبسون الصوف ويقولون : قد لبسه عيسى ابن مريم  ، وقد حدثني من لا أتهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد لبس الكتان ، والصوف ، والقطن ، وسنة نبينا أحق أن تتبع  . 
ومقصود 
 nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين  بهذا ؛ أن أقواما يرون أن 
لبس الصوف دائما أفضل من غيره فيتحرونه  
[ ص: 138 ] ويمنعون أنفسهم من غيره ، وكذلك يتحرون زيا واحدا من الملابس ، ويتحرون رسوما وأوضاعا وهيئات يرون الخروج عنها منكرا ، وليس المنكر إلا التقيد بها والمحافظة عليها وترك الخروج عنها . 
والصواب : أن أفضل الطرق طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم التي سنها وأمر بها ورغب فيها وداوم عليها ، وهي أن 
هديه في اللباس أن يلبس ما تيسر من اللباس من الصوف تارة والقطن تارة والكتان تارة . 
ولبس البرود اليمانية والبرد الأخضر ، ولبس الجبة والقباء والقميص والسراويل والإزار والرداء والخف والنعل ، وأرخى الذؤابة من خلفه تارة وتركها تارة . 
وكان يتلحى بالعمامة تحت الحنك . 
وكان إذا استجد ثوبا سماه باسمه ، وقال : ( 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000076اللهم أنت كسوتني هذا القميص أو الرداء أو العمامة ، أسألك خيره وخير ما صنع له ، وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له  ) . 
وكان إذا لبس قميصه بدأ بميامنه  . ولبس الشعر الأسود ، كما روى 
 nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم  في صحيحه عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة  قالت : ( 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000077خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه مرط مرحل من شعر  [ ص: 139 ] أسود  ) 
وفي الصحيحين عن 
قتادة   : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000078قلنا  nindex.php?page=showalam&ids=9لأنس   : أي اللباس كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال " الحبرة "  . والحبرة برد من برود اليمن . فإن غالب لباسهم كان من نسج اليمن لأنها قريبة منهم ، وربما لبسوا ما يجلب من 
الشام  ومصر  كالقباطي المنسوجة من الكتان التي كانت تنسجها القبط . 
وفي سنن 
 nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة  أنها ( 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000079جعلت للنبي صلى الله عليه وسلم بردة من صوف فلبسها ، فلما عرق فوجد ريح الصوف طرحها  ) وكان يحب الريح الطيب . 
وفي سنن 
أبي داود  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس  قال : ( 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000080لقد رأيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن ما يكون من الحلل  ) ، وفي سنن 
 nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي  عن 
أبي رمثة  قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000081رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب وعليه بردان أخضران  . والبرد الأخضر : هو الذي فيه خطوط خضر وهو  
[ ص: 140 ] كالحلة الحمراء سواء ، فمن فهم من الحلة الحمراء الأحمر البحت فينبغي أن يقول : إن البرد الأخضر كان أخضر بحتا ، وهذا لا يقوله أحد . 
وكانت مخدته صلى الله عليه وسلم من أدم حشوها ليف ، فالذين يمتنعون عما أباح الله من الملابس والمطاعم والمناكح تزهدا وتعبدا بإزائهم طائفة قابلوهم ، فلا يلبسون إلا أشرف الثياب ، ولا يأكلون إلا ألين الطعام ، فلا يرون لبس الخشن ولا أكله تكبرا وتجبرا ، وكلا الطائفتين هديه مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم ؛ ولهذا قال بعض السلف : كانوا يكرهون الشهرتين من الثياب العالي والمنخفض ، وفي السنن عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر  يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم : ( 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000082من لبس ثوب شهرة ألبسه الله يوم القيامة ثوب مذلة ثم تلهب فيه النار  ) وهذا لأنه قصد به الاختيال والفخر ، فعاقبه الله بنقيض ذلك فأذله كما عاقب من أطال ثيابه خيلاء بأن خسف به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة . 
وفي الصحيحين عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000083من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة  ) وفي  
[ ص: 141 ]  "السنن" عنه أيضا صلى الله عليه وسلم ، قال : ( 
الإسبال في الإزار والقميص والعمامة من جر شيئا منها خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة  ) وفي السنن 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000085عن  nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر  أيضا قال : ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإزار فهو في القميص ، وكذلك لبس الدنيء من الثياب يذم في موضع ويحمد في موضع ، فيذم إذا كان شهرة وخيلاء ، ويمدح إذا كان تواضعا واستكانة ، كما أن 
لبس الرفيع من الثياب ، يذم إذا كان تكبرا وفخرا وخيلاء ، ويمدح إذا كان تجملا وإظهارا لنعمة الله ، ففي صحيح 
 nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000086لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة خردل من كبر ، ولا يدخل النار من كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان ، فقال رجل : يا رسول الله إني أحب أن يكون ثوبي حسنا ونعلي حسنة أفمن الكبر ذاك ؟ فقال : لا ، إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر بطر الحق وغمط الناس  ) .