صفحة جزء
فصل

قال : ( والذي نفسي بيده لا يكلم أحد في سبيل الله - والله أعلم بمن يكلم في سبيله - إلا جاء يوم القيامة اللون لون الدم ، والريح ريح المسك ) .

وفي الترمذي عنه ( ليس شيء أحب إلى الله من قطرتين أو أثرين ، قطرة دمعة من خشية الله ، وقطرة دم تهراق في سبيل الله ، وأما الأثران ، فأثر في سبيل الله ، وأثر في فريضة من فرائض الله ) .

وصح عنه أنه قال : ( ما من عبد يموت ، له عند الله خير لا يسره أن يرجع إلى الدنيا ، وأن له الدنيا وما فيها ، إلا الشهيد لما يرى من فضل الشهادة ، فإنه يسره أن يرجع إلى الدنيا ، فيقتل مرة أخرى ) وفي لفظ : ( فيقتل عشر مرات لما [ ص: 82 ] يرى من الكرامة ) .

( وقال لأم حارثة بنت النعمان ، وقد قتل ابنها معه يوم بدر ، فسألته أين هو ؟ قال : إنه في الفردوس الأعلى ) .

وقال : ( إن أرواح الشهداء في جوف طير خضر ، لها قناديل معلقة بالعرش ، تسرح من الجنة حيث شاءت ، ثم تأوي إلى تلك القناديل ، فاطلع إليهم ربهم اطلاعة ، فقال : هل تشتهون شيئا ؟ فقالوا : أي شيء نشتهي ، ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا ؟ ففعل بهم ذلك ثلاث مرات ، فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا ، قالوا : يا رب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى ، فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا ) .

وقال : ( إن للشهيد عند الله خصالا أن يغفر له من أول دفعة من دمه ، ويرى مقعده من الجنة ، ويحلى حلية الإيمان ، ويزوج من الحور العين ، ويجار من عذاب القبر ، ويأمن من الفزع الأكبر ، ويوضع على رأسه تاج الوقار ، الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها . ويزوج اثنتين وسبعين من الحور العين ، ويشفع في سبعين إنسانا من أقاربه ) ذكره أحمد وصححه الترمذي .

وقال لجابر : ( ألا أخبرك ما قال الله لأبيك ؟ قال : بلى ، قال : ما كلم الله أحدا إلا من وراء حجاب ، وكلم أباك كفاحا ، فقال : يا عبدي تمن علي أعطك ، [ ص: 83 ] قال : يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية ، قال : إنه سبق مني ( أنهم إليها لا يرجعون) قال : يا رب فأبلغ من ورائي ، فأنزل الله تعالى هذه الآية : ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ) ) [ آل عمران : 169 ] .

وقال : ( لما أصيب إخوانكم بأحد ، جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ، ترد أنهار الجنة ، وتأكل من ثمارها ، وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش ، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم وحسن مقيلهم ، قالوا : يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله لنا لئلا يزهدوا في الجهاد ، ولا ينكلوا عن الحرب ، فقال الله : أنا أبلغهم عنكم ، فأنزل الله على رسوله هذه الآيات : ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا ) ) .

وفي " المسند " مرفوعا : ( الشهداء على بارق نهر بباب الجنة ، في قبة خضراء ، يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشية ) .

وقال : ( لا تجف الأرض من دم الشهيد حتى يبتدره زوجتاه ، كأنهما طيران أضلتا فصيليهما ببراح من الأرض بيد كل واحدة منهما حلة خير من الدنيا وما فيها ) .

وفي " المستدرك " والنسائي مرفوعا : ( لأن أقتل في سبيل الله أحب إلي من أن يكون لي أهل المدر والوبر ) .

[ ص: 84 ] وفيهما : ( ما يجد الشهيد من القتل إلا كما يجد أحدكم من مس القرصة ) .

وفي " السنن " : ( يشفع الشهيد في سبعين من أهل بيته ) .

وفي " المسند " : ( أفضل الشهداء الذين إن يلقوا في الصف لا يلفتون وجوههم حتى يقتلوا ، أولئك يتلبطون في الغرف العلى من الجنة ، ويضحك إليهم ربك ، وإذا ضحك ربك إلى عبد في الدنيا ، فلا حساب عليه ) .

وفيه : ( الشهداء أربعة : رجل مؤمن جيد الإيمان لقي العدو ، فصدق الله حتى قتل ، فذلك الذي يرفع إليه الناس أعناقهم ، ورفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه حتى وقعت قلنسوته ، ورجل مؤمن جيد الإيمان ، لقي العدو فكأنما يضرب جلده بشوك الطلح أتاه سهم غرب فقتله ، هو في الدرجة الثانية ، ورجل مؤمن جيد الإيمان ، خلط عملا صالحا وآخر سيئا لقي العدو فصدق الله حتى قتل ، فذاك في الدرجة الثالثة ، ورجل مؤمن أسرف على نفسه إسرافا كثيرا لقي العدو فصدق الله حتى قتل ، فذلك في الدرجة الرابعة ) .

[ ص: 85 ] وفي " المسند " و " صحيح ابن حبان " : ( القتلى ثلاثة : رجل مؤمن جاهد بماله ونفسه في سبيل الله حتى إذا لقي العدو قاتلهم حتى يقتل ، فذاك الشهيد الممتحن في خيمة الله تحت عرشه ، لا يفضله النبيون إلا بدرجة النبوة ، ورجل مؤمن فرق على نفسه من الذنوب والخطايا ، جاهد بنفسه وماله في سبيل الله حتى إذا لقي العدو ، قاتل حتى يقتل ، فتلك ممصمصة محت ذنوبه وخطاياه ، إن السيف محاء الخطايا ، وأدخل من أي أبواب الجنة شاء ، فإن لها ثمانية أبواب ، ولجهنم سبعة أبواب ، وبعضها أفضل من بعض ، ورجل منافق جاهد بنفسه وماله ، حتى إذا لقي العدو ، قاتل في سبيل الله حتى يقتل ، فإن ذلك في النار ، إن السيف لا يمحو النفاق ) .

وصح عنه : ( أنه لا يجتمع كافر وقاتله في النار أبدا ) .

وسئل أي الجهاد أفضل ؟ فقال : ( من جاهد المشركين بماله ونفسه قيل : فأي القتل أفضل ؟ قال : من أهريق دمه ، وعقر جواده في سبيل الله ) .

[ ص: 86 ] وفي " سنن ابن ماجه " : ( إن من أعظم الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر ) وهو لأحمد والنسائي مرسلا .

وصح عنه : ( أنه لا تزال طائفة من أمته يقاتلون على الحق لا يضرهم من خذلهم ، ولا من خالفهم حتى تقوم الساعة ) وفي لفظ : ( حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية