صفحة جزء
ولما بردت الحرب وولى القوم منهزمين ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( " من ينظر لنا ما صنع أبو جهل ؟ " فانطلق ابن مسعود ، فوجده قد ضربه ابنا عفراء حتى برد ، وأخذ بلحيته ، فقال : أنت أبو جهل ؟ فقال : لمن الدائرة اليوم ؟ فقال : لله ولرسوله ، وهل أخزاك الله يا عدو الله ؟ فقال : وهل فوق رجل قتله قومه ؟ فقتله عبد الله ، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : قتلته : فقال : " الله الذي لا إله إلا هو " فرددها [ ص: 166 ] ثلاثا ، ثم قال : الله أكبر ، الحمد لله الذي صدق وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، انطلق أرنيه . فانطلقنا فأريته إياه فقال : " هذا فرعون هذه الأمة " ) .

( وأسر عبد الرحمن بن عوف أمية بن خلف ، وابنه عليا ، فأبصره بلال ، وكان أمية يعذبه بمكة ، فقال : رأس الكفر أمية بن خلف ، لا نجوت إن نجا ، ثم استوخى جماعة من الأنصار ، واشتد عبد الرحمن بهما يحرزهما منهم ، فأدركوهم ، فشغلهم عن أمية بابنه ، ففرغوا منه ، ثم لحقوهما ، فقال له عبد الرحمن : ابرك . فبرك فألقى نفسه عليه ، فضربوه بالسيوف من تحته حتى قتلوه ، وأصاب بعض السيوف رجل عبد الرحمن بن عوف ، قال له أمية قبل ذلك : من الرجل المعلم في صدره بريشة نعامة ؟ فقال : ذلك حمزة بن عبد المطلب . فقال ذاك الذي فعل بنا الأفاعيل ، وكان مع عبد الرحمن أدراع قد استلبها ، فلما رآه أمية قال له : أنا خير لك من هذه الأدراع ، فألقاها وأخذه ، فلما قتله الأنصار ، كان يقول : يرحم الله بلالا ، فجعني بأدراعي وبأسيري ) .

وانقطع يومئذ سيف عكاشة بن محصن ، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم جذلا من حطب فقال : ( دونك هذا ) ، فلما أخذه عكاشة وهزه ، عاد في يده سيفا طويلا شديدا [ ص: 167 ] أبيض ، فلم يزل عنده يقاتل به حتى قتل في الردة أيام أبي بكر .

ولقي الزبير عبيدة بن سعيد بن العاص ، وهو مدجج في السلاح لا يرى منه إلا الحدق ، فحمل عليه الزبير بحربته ، فطعنه في عينه ، فمات ، فوضع رجله على الحربة ، ثم تمطى ، فكان الجهد أن نزعها ، وقد انثنى طرفاها ، قال عروة : فسأله إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه إياها ، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها ، ثم طلبها أبو بكر ، فأعطاه إياها ، فلما قبض أبو بكر ، سأله إياها عمر فأعطاه إياها ، فلما قبض عمر أخذها ، ثم طلبها عثمان فأعطاه إياها ، فلما قبض عثمان ، وقعت عند آل علي ، فطلبها عبد الله بن الزبير ، وكانت عنده حتى قتل .

وقال رفاعة بن رافع : ( رميت بسهم يوم بدر ففقئت عيني ، فبصق فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا لي ، فما آذاني منها شيء ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية