صفحة جزء
فصل

في غزوة الغابة

ثم أغار عيينة بن حصن الفزاري في بني عبد الله بن غطفان على لقاح النبي صلى الله عليه وسلم التي بالغابة ، فاستاقها ، وقتل راعيها وهو رجل من عسفان ، واحتملوا امرأته ، قال عبد المؤمن بن خلف وهو ابن أبي ذر وهو غريب جدا : فجاء الصريخ ، ونودي : يا خيل الله اركبي ، وكان أول ما نودي بها ، وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم مقنعا في الحديد ، فكان أول من قدم إليه المقداد بن عمرو في الدرع والمغفر ، فعقد له رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء في رمحه ، وقال : امض حتى تلحقك الخيول ، إنا على أثرك ، واستخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم ، وأدرك سلمة بن الأكوع القوم وهو على رجليه ، فجعل يرميهم بالنبل ويقول :


خذها وأنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضع



حتى انتهى إلى ذي قرد ، وقد استنقذ منهم جميع اللقاح وثلاثين بردة ، قال سلمة : فلحقنا رسول الله صلى الله عليه وسلم والخيل عشاء ، فقلت : يا رسول الله إن القوم عطاش ، فلو بعثتني في مائة رجل استنقذت ما في أيديهم من السرح وأخذت [ ص: 249 ] بأعناق القوم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ملكت فأسجح " ، ثم قال : إنهم الآن ليقرون في غطفان " .

وذهب الصريخ بالمدينة إلى بني عمرو بن عوف ، فجاءت الأمداد ولم تزل الخيل تأتي ، والرجال على أقدامهم وعلى الإبل حتى انتهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي قرد .

قال عبد المؤمن بن خلف ، فاستنقذوا عشر لقاح ، وأفلت القوم بما بقي وهو عشر . قلت : وهذا غلط بين ، والذي في " الصحيحين " : أنهم استنقذوا اللقاح كلها ، ولفظ مسلم في " صحيحه " عن سلمة : ( حتى ما خلق الله من شيء من لقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا خلفته وراء ظهري ، واستلبت منهم ثلاثين بردة ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية