[ ص: 362 ] فصل 
ولما استقر الفتح أمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس كلهم إلا تسعة نفر ، فإنه أمر بقتلهم وإن وجدوا تحت 
أستار الكعبة  ، وهم 
 nindex.php?page=showalam&ids=16436عبد الله بن سعد بن أبي سرح  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=28وعكرمة بن أبي جهل  ، 
وعبد العزى بن خطل  ، 
والحارث بن نفيل بن وهب  ، 
ومقيس بن صبابة  ، 
وهبار بن الأسود  ، وقينتان 
لابن خطل  ، كانتا تغنيان بهجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - 
وسارة  مولاة لبعض 
بني عبد المطلب   . 
فأما 
ابن أبي سرح  فأسلم فجاء به 
 nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان  فاستأمن له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقبل منه بعد أن أمسك عنه رجاء أن يقوم إليه بعض الصحابة فيقتله ، وكان قد أسلم قبل ذلك وهاجر ثم ارتد ورجع إلى 
مكة   . وأما 
 nindex.php?page=showalam&ids=28عكرمة بن أبي جهل ،  فاستأمنت له امرأته بعد أن فر ، فأمنه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقدم وأسلم وحسن إسلامه . 
وأما 
ابن خطل  ، 
والحارث  ، 
ومقيس  ، وإحدى القينتين فقتلوا ، وكان 
مقيس  قد أسلم ثم ارتد ، وقتل ولحق بالمشركين ، وأما 
هبار بن الأسود  ، فهو الذي عرض 
 nindex.php?page=showalam&ids=437لزينب بنت رسول الله   - صلى الله عليه وسلم - حين هاجرت ، فنخس بها حتى سقطت على صخرة وأسقطت جنينها ، ففر ثم أسلم وحسن إسلامه ، واستؤمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - 
لسارة  ولإحدى القينتين فأمنهما فأسلمتا . 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16002127فلما كان الغد من يوم الفتح قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الناس خطيبا ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، ومجده بما هو أهله ، ثم قال : " يا أيها الناس إن الله حرم مكة  يوم خلق السماوات والأرض ، فهي حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة ، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها دما ، أو يعضد بها شجرة ، فإن أحد ترخص لقتال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقولوا : إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم ، وإنما  [ ص: 363 ] حلت لي ساعة من نهار ، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس ، فليبلغ الشاهد الغائب ". 
ولما فتح الله 
مكة  على رسوله ، وهي بلده ووطنه ، ومولده ، قال الأنصار فيما بينهم : أترون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ فتح الله عليه أرضه وبلده أن يقيم بها ؟ وهو يدعو على 
الصفا  رافعا يديه ، فلما فرغ من دعائه قال : ماذا قلتم ؟ قالوا : لا شيء يا رسول الله ، فلم يزل بهم حتى أخبروه ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16002128معاذ الله ، المحيا محياكم ، والممات مماتكم  " . 
" 
وهم فضالة بن عمير بن الملوح  أن يقتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يطوف بالبيت ، فلما دنا منه قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أفضالة  ؟ قال : نعم فضالة  يا رسول الله ، قال : ماذا كنت تحدث به نفسك ؟ قال : لا شيء ، كنت أذكر الله ، فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " استغفر الله " ، ثم وضع يده على صدره فسكن قلبه ، وكان فضالة  يقول : والله ما رفع يده عن صدري حتى ما خلق الله شيئا أحب إلي منه ، قال 
فضالة   : فرجعت إلى أهلي فمررت بامرأة كنت أتحدث إليها فقالت : هلم إلى الحديث ، فقلت : لا ، وانبعث 
فضالة  يقول : 
قالت هلم إلى الحديث فقلت لا يأبى عليك الله والإسلام     لو قد رأيت محمدا  وقبيله 
بالفتح يوم تكسر الأصنام  [ ص: 364 ]     لرأيت دين الله أضحى بينا 
والشرك يغشى وجهه الإظلام 
وفر يومئذ 
 nindex.php?page=showalam&ids=90صفوان بن أمية  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=28وعكرمة بن أبي جهل  ، فأما 
صفوان  فاستأمن له 
عمير بن وهب الجمحي  رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمنه وأعطاه عمامته التي دخل بها 
مكة  ، فلحقه 
عمير  وهو يريد أن يركب البحر فرده ، فقال : اجعلني فيه بالخيار شهرين ، فقال : أنت بالخيار فيه أربعة أشهر . 
وكانت 
أم حكيم بنت الحارث بن هشام  تحت 
 nindex.php?page=showalam&ids=28عكرمة بن أبي جهل  ، فأسلمت واستأمنت له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمنه ، فلحقت به باليمن فأمنته فردته ، وأقرهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو 
وصفوان  على نكاحهما الأول . 
ثم أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - 
تميم بن أسيد الخزاعي  فجدد أنصاب 
الحرم   . 
وبث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سراياه إلى الأوثان التي كانت حول الكعبة  ، فكسرت كلها ، منها : اللات ، والعزى ، ومناة الثالثة الأخرى ، ونادى مناديه 
بمكة   : " 
من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدع في بيته صنما إلا كسره  " . 
فبعث 
 nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد  إلى العزى لخمس ليال بقين من شهر رمضان ليهدمها ، فخرج إليها في ثلاثين فارسا من أصحابه حتى انتهوا إليها فهدمها ، ثم رجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره ، فقال : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16002131هل رأيت شيئا ؟ " قال : لا ، قال : " فإنك لم تهدمها فارجع إليها فاهدمها ، فرجع خالد  وهو متغيظ فجرد سيفه فخرجت إليه امرأة عجوز عريانة سوداء ناشرة الرأس ، فجعل السادن يصيح بها ، فضربها خالد  فجزلها باثنتين ورجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره فقال : " نعم ، تلك العزى وقد أيست أن تعبد في بلادكم أبدا  " ، وكانت بنخلة وكانت 
لقريش  وجميع 
بني  [ ص: 365 ] كنانة  ، وكانت أعظم أصنامهم ، وكان سدنتها 
بني شيبان   . 
ثم بعث 
 nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص  إلى سواع وهو صنم 
لهذيل  ؛ ليهدمه ، قال 
عمرو   : فانتهيت إليه وعنده السادن فقال : ما تريد ؟ قلت : أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أهدمه ، فقال : لا تقدر على ذلك ، قلت : لم ؟ قال : تمنع . قلت : حتى الآن أنت على الباطل ، ويحك فهل يسمع أو يبصر ؟ قال : فدنوت منه فكسرته وأمرت أصحابي فهدموا بيت خزانته ، فلم نجد فيه شيئا ثم قلت للسادن : كيف رأيت ؟ قال : أسلمت لله . 
ثم بعث 
سعد بن زيد الأشهلي  إلى مناة ، وكانت بالمشلل عند قديد 
للأوس  والخزرج  وغسان  وغيرهم ، فخرج في عشرين فارسا حتى انتهى إليها وعندها سادن ، فقال السادن : ما تريد ؟ قلت : هدم مناة ، قال : أنت وذاك ، فأقبل 
سعد  يمشي إليها وتخرج إليه امرأة عريانة سوداء ثائرة الرأس تدعو بالويل وتضرب صدرها ، فقال لها السادن : مناة دونك بعض عصاتك ، فضربها 
سعد  فقتلها ، وأقبل إلى الصنم ومعه أصحابه فهدمه وكسروه ، ولم يجدوا في خزانته شيئا .