صفحة جزء
فصل

قلت : وفي سياق ما ذكره ابن إسحاق وهم من وجوه :

أحدها : أن النبي صلى الله عليه وسلم أسر إلى حذيفة أسماء أولئك المنافقين ، ولم يطلع عليهم أحدا غيره ، وبذلك كان يقال لحذيفة : إنه صاحب السر الذي لا يعلمه غيره ، ولم يكن عمر ولا غيره يعلم أسماءهم ، وكان إذا مات الرجل وشكوا فيه (يقول عمر : انظروا ، فإن صلى عليه حذيفة ، وإلا فهو منافق منهم )

الثاني : ما ذكرناه من قوله : فيهم عبد الله بن أبي ، وهو وهم ظاهر ، وقد ذكر ابن إسحاق نفسه أن عبد الله بن أبي تخلف في غزوة تبوك [ ص: 480 ]

الثالث : أن قوله : وسعد بن أبي سرح وهم أيضا ، وخطأ ظاهر ، فإن سعد بن أبي سرح لم يعرف له إسلام البتة ، وإنما ابنه عبد الله كان قد أسلم وهاجر ، ثم ارتد ولحق بمكة ، حتى استأمن له عثمان النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح فأمنه ، وأسلم فحسن إسلامه ، ولم يظهر منه بعد ذلك شيء ينكر عليه ، ولم يكن مع هؤلاء الاثني عشر البتة ، فما أدري ما هذا الخطأ الفاحش

الرابع : قوله : وكان أبو عامر رأسهم ، وهذا وهم ظاهر لا يخفى على من دون ابن إسحاق ، بل هو نفسه قد ذكر قصة أبي عامر هذا في قصة الهجرة ، عن عاصم بن عمر بن قتادة ، أن أبا عامر لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة خرج إلى مكة ببضعة عشر رجلا ، فلما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة خرج إلى الطائف ، فلما أسلم أهل الطائف خرج إلى الشام ، فمات بها طريدا وحيدا غريبا ، فأين كان الفاسق وغزوة تبوك ذهابا وإيابا

التالي السابق


الخدمات العلمية