صفحة جزء
فصل

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى إلى الجدار ، جعل بينه وبينه قدر ممر الشاة ، ولم يكن يتباعد منه ، بل أمر بالقرب من السترة ، وكان إذا صلى إلى عود أو عمود أو شجرة ، جعله على حاجبه الأيمن أو الأيسر ، ولم يصمد له صمدا ، وكان يركز الحربة في السفر والبرية ، فيصلي إليها ، فتكون سترته ، وكان يعرض راحلته ، فيصلي إليها ، وكان يأخذ الرحل فيعدله فيصلي إلى آخرته ، ( وأمر المصلي أن [ ص: 296 ] يستتر ولو بسهم أو عصا ، فإن لم يجد فليخط خطا في الأرض )

قال أبو داود : سمعت أحمد بن حنبل يقول : الخط عرضا مثل الهلال . وقال عبد الله : الخط بالطول ، وأما العصا ، فتنصب نصبا ، فإن لم يكن سترة ، فإنه صح عنه أنه يقطع صلاته ، "المرأة والحمار والكلب الأسود " .

وثبت ذلك عنه من رواية أبي ذر ، وأبي هريرة ، وابن عباس ، وعبد الله بن مغفل . ومعارض هذه الأحاديث قسمان : صحيح غير صريح ، وصريح غير صحيح ، فلا يترك العمل بها لمعارض هذا شأنه . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وعائشة رضي الله عنها نائمة في [ ص: 297 ] قبلته . وكأن ذلك ليس كالمار ، فإن الرجل محرم عليه المرور بين يدي المصلي ، ولا يكره له أن يكون لابثا بين يديه ، وهكذا المرأة يقطع مرورها الصلاة دون لبثها ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية