صفحة جزء
وأحسن أشكال الجماع أن يعلو الرجل المرأة ، مستفرشا لها بعد الملاعبة والقبلة ، وبهذا سميت المرأة فراشا ، كما قال - صلى الله عليه وسلم : ( الولد للفراش ) ، وهذا من تمام قوامية الرجل على المرأة ، كما قال تعالى : ( الرجال قوامون على النساء ) [ النساء : 34 ] ، وكما قيل


إذا رمتها كانت فراشا يقلني وعند فراغي خادم يتملق



وقد قال تعالى : ( هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ) [ البقرة : 187 ] ، وأكمل اللباس وأسبغه على هذه الحال ، فإن فراش الرجل لباس له ، وكذلك لحاف المرأة لباس لها ، فهذا الشكل الفاضل مأخوذ من هذه الآية ، وبه يحسن موقع استعارة اللباس من كل من الزوجين للآخر . وفيه وجه آخر ، وهو أنها تنعطف عليه أحيانا ، فتكون عليه كاللباس ، قال الشاعر :


إذا ما الضجيع ثنى جيدها     تثنت فكانت عليه لباسا



وأردأ أشكاله أن تعلوه المرأة ، ويجامعها على ظهره ، وهو خلاف الشكل الطبيعي الذي طبع الله عليه الرجل والمرأة ، بل نوع الذكر والأنثى ، وفيه من المفاسد أن المني يتعسر خروجه كله ، فربما بقي في العضو منه فيتعفن ويفسد ، فيضر ، وأيضا : فربما سال إلى الذكر رطوبات من الفرج ، وأيضا فإن الرحم لا [ ص: 235 ] يتمكن من الاشتمال على الماء واجتماعه فيه ، وانضمامه عليه لتخليق الولد ، وأيضا : فإن المرأة مفعول بها طبعا وشرعا ، وإذا كانت فاعلة خالفت مقتضى الطبع والشرع . وكان أهل الكتاب إنما يأتون النساء على جنوبهن على حرف ، ويقولون : هو أيسر للمرأة .

وكانت قريش والأنصار تشرح النساء على أقفائهن ، فعابت اليهود عليهم ذلك ، فأنزل الله عز وجل : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) [ البقرة : 223 ] .

وفي " الصحيحين " عن جابر ، قال : ( كانت اليهود تقول : إذا أتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها ، كان الولد أحول ) ، فأنزل الله عز وجل : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) ، وفي لفظ لمسلم : ( إن شاء مجبية ، وإن شاء غير مجبية ، غير أن ذلك في صمام واحد " ) .

والمجبية : المنكبة على وجهها ، والصمام الواحد : الفرج ، وهو موضع الحرث والولد .

التالي السابق


الخدمات العلمية