صفحة جزء
فصل

وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه ( كان يصلي بعد الوتر ركعتين جالسا تارة ، وتارة يقرأ فيهما جالسا ، فإذا أراد أن يركع ، قام فركع ، وفي "صحيح مسلم " عن أبي سلمة قال : ( سألت عائشة رضي الله عنها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : ( كان يصلي [ ص: 322 ] ثلاث عشرة ركعة ، يصلي ثمان ركعات ، ثم يوتر ، ثم يصلي ركعتين وهو جالس ، فإذا أراد أن يركع ، قام فركع ، ثم يصلي ركعتين بين النداء والإقامة من صلاة الصبح ) وفي "المسند" عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم ، ( كان يصلي بعد الوتر ركعتين خفيفتين وهو جالس )

وقال الترمذي : روي نحو هذا عن عائشة ، وأبي أمامة ، وغير واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم .

وفي "المسند" عن أبي أمامة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ( كان يصلي ركعتين بعد الوتر وهو جالس ، يقرأ فيهما بـ ( إذا زلزلت ) و ( قل ياأيها الكافرون ) )

وروى الدارقطني نحوه من حديث أنس رضي الله عنه .

وقد أشكل هذا على كثير من الناس ، فظنوه معارضا ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا ) . وأنكر مالك رحمه الله هاتين الركعتين ، وقال أحمد : لا أفعله ولا أمنع من فعله ، قال : وأنكره مالك وقالت طائفة : إنما فعل هاتين الركعتين ، ليبين جواز الصلاة بعد الوتر ، وأن فعله لا يقطع التنفل ، وحملوا قوله : ( اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا ) على الاستحباب ، وصلاة الركعتين بعده على الجواز .

والصواب : أن يقال : إن هاتين الركعتين تجريان مجرى السنة ، وتكميل الوتر ، فإن الوتر عبادة مستقلة ، ولا سيما إن قيل بوجوبه ، فتجري الركعتان بعده [ ص: 323 ] مجرى سنة المغرب من المغرب ، فإنها وتر النهار ، والركعتان بعدها تكميل لها ، فكذلك الركعتان بعد وتر الليل ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية