صفحة جزء
صبر : ( الصبر نصف الإيمان ) ، فإنه ماهية مركبة من صبر وشكر ، كما قال بعض السلف : الإيمان نصفان : نصف صبر ، ونصف شكر ، قال تعالى : ( إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور ) [ إبراهيم : 5 ] والصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، وهو ثلاثة أنواع : صبر على فرائض الله ، فلا يضيعها ، وصبر عن محارمه ، فلا يرتكبها ، وصبر على أقضيته وأقداره ، فلا يتسخطها ، ومن استكمل هذه المراتب الثلاث ، استكمل الصبر ، ولذة الدنيا والآخرة ونعيمها ، والفوز والظفر فيهما لا يصل إليه أحد إلا على جسر الصبر ، كما لا يصل أحد إلى الجنة إلا على الصراط ، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( خير عيش أدركناه بالصبر ) . وإذا تأملت مراتب الكمال المكتسب في العالم ، رأيتها كلها منوطة بالصبر ، وإذا تأملت النقصان الذي يذم صاحبه عليه ، ويدخل تحت قدرته ، رأيته كله من عدم الصبر ، فالشجاعة والعفة ، والجود والإيثار كله صبر ساعة .


فالصبر طلسم على كنز العلى من حل ذا الطلسم فاز بكنزه

وأكثر أسقام البدن والقلب ، إنما تنشأ عن عدم الصبر ، فما حفظت صحة [ ص: 306 ] القلوب والأبدان والأرواح بمثل الصبر ، فهو الفاروق الأكبر ، والترياق الأعظم ، ولو لم يكن فيه إلا معية الله مع أهله ، فإن الله مع الصابرين ومحبته لهم ، فإن الله يحب الصابرين ، ونصره لأهله ، فإن النصر مع الصبر ، وإنه خير لأهله ، ( ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ) [ النحل : 126 ] ، وإنه سبب الفلاح : ( ياأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون ) [ آل عمران : 200 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية