فصل 
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم 
تعظيم هذا اليوم وتشريفه ، وتخصيصه بعبادات يختص بها عن غيره . وقد اختلف العلماء : 
هل هو أفضل ، أم يوم عرفة ؟ على قولين : هما وجهان لأصحاب الشافعي . 
وكان صلى الله عليه وسلم 
يقرأ في فجره بسورتي ( الم تنزيل ) و ( هل أتى على الإنسان )  .  
[ ص: 364 ] ويظن كثير ممن لا علم عنده أن المراد تخصيص هذه الصلاة بسجدة زائدة ، ويسمونها سجدة الجمعة ، وإذا لم يقرأ أحدهم هذه السورة استحب قراءة سورة أخرى فيها سجدة ، ولهذا كره من كره من الأئمة المداومة على قراءة هذه السورة في فجر الجمعة ، دفعا لتوهم الجاهلين ، وسمعت 
 nindex.php?page=showalam&ids=13027شيخ الإسلام ابن تيمية  يقول : إنما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هاتين السورتين في فجر الجمعة ؛ لأنهما تضمنتا ما كان ويكون في يومها ، فإنهما اشتملتا على خلق 
آدم  ، وعلى ذكر المعاد وحشر العباد ، وذلك يكون يوم الجمعة ، وكان في قراءتهما في هذا اليوم تذكير للأمة بما كان فيه ويكون ، والسجدة جاءت تبعا ليست مقصودة حتى يقصد المصلي قراءتها حيث اتفقت . فهذه خاصة من 
خواص يوم الجمعة  . 
الخاصة الثانية 
استحباب كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه وفي ليلته ، لقوله صلى الله عليه وسلم ( 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000561أكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة وليلة الجمعة  ) . 
ورسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الأنام ، ويوم الجمعة سيد الأيام ، فللصلاة عليه في هذا اليوم مزية ليست لغيره مع حكمة أخرى وهي أن كل خير نالته أمته في الدنيا والآخرة ، فإنما نالته على يده ، فجمع الله لأمته به بين خيري الدنيا والآخرة ، فأعظم كرامة تحصل لهم ، فإنما تحصل يوم الجمعة ، فإن فيه بعثهم إلى منازلهم وقصورهم في الجنة ، وهو يوم المزيد لهم إذا دخلوا الجنة ، وهو يوم عيد لهم في الدنيا ، ويوم فيه يسعفهم الله تعالى بطلباتهم وحوائجهم ، ولا يرد سائلهم ، وهذا كله إنما عرفوه وحصل لهم بسببه وعلى يده ، فمن شكره وحمده وأداء القليل من حقه صلى الله عليه وسلم أن نكثر من الصلاة عليه في هذا اليوم وليلته . 
الخاصة الثالثة : 
صلاة الجمعة التي هي من آكد فروض الإسلام ومن أعظم  
[ ص: 365 ] مجامع المسلمين ، وهي أعظم من كل مجمع يجتمعون فيه وأفرضه سوى مجمع عرفة ، ومن تركها تهاونا بها طبع الله على قلبه ، وقرب أهل الجنة يوم القيامة وسبقهم إلى الزيارة يوم المزيد بحسب قربهم من الإمام يوم الجمعة وتبكيرهم . 
الخاصة الرابعة الأمر 
بالاغتسال في يومها ، وهو أمر مؤكد جدا ، ووجوبه أقوى من وجوب الوتر ، وقراءة البسملة في الصلاة ، ووجوب الوضوء من مس النساء ، ووجوب الوضوء من مس الذكر ، ووجوب الوضوء من القهقهة في الصلاة ، ووجوب الوضوء من الرعاف ، والحجامة والقيء ، ووجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير ، ووجوب القراءة على المأموم . 
وللناس في وجوبه ثلاثة أقوال : النفي والإثبات والتفصيل بين من به رائحة يحتاج إلى إزالتها فيجب عليه ومن هو مستغن عنه ، فيستحب له ، والثلاثة لأصحاب 
أحمد   . 
الخاصة الخامسة : 
التطيب فيه ، وهو أفضل من التطيب في غيره من أيام الأسبوع . 
الخاصة السادسة : 
السواك فيه ، وله مزية على السواك في غيره . 
الخاصة السابعة : التبكير للصلاة . 
الخاصة الثامنة : أن يشتغل بالصلاة والذكر والقراءة حتى يخرج الإمام . 
الخاصة التاسعة : 
الإنصات للخطبة إذا سمعها وجوبا في أصح القولين ، فإن تركه كان لاغيا ، ومن لغا فلا جمعة له ، وفي " المسند " مرفوعا ( 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000562والذي يقول لصاحبه : أنصت ، فلا جمعة له  )  
[ ص: 366 ] الخاصة العاشرة : 
قراءة سورة الكهف في يومها ، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ( 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000563من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة سطع له نور من تحت قدمه إلى عنان السماء يضيء به يوم القيامة ، وغفر له ما بين الجمعتين  ) . 
وذكره 
 nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور  من قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري  وهو أشبه . 
الحادية عشرة : إنه لا يكره فعل الصلاة فيه وقت الزوال عند 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي  رحمه الله ومن وافقه ، وهو اختيار شيخنا 
أبي العباس ابن تيمية  ، ولم يكن اعتماده على حديث 
ليث  عن 
مجاهد  عن 
أبي الخليل  عن 
أبي قتادة  عن النبي صلى الله عليه وسلم ، 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000564أنه كره الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة  . وقال : ( 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000565إن جهنم تسجر إلا يوم  [ ص: 367 ] الجمعة  ) - وإنما كان اعتماده على أن من جاء إلى الجمعة يستحب له أن يصلي حتى يخرج الإمام ، وفي الحديث الصحيح ( 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000566لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر ، ويدهن من دهنه ، أو يمس من طيب بيته ، ثم يخرج ، فلا يفرق بين اثنين ، ثم يصلي ما كتب له ، ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى  ) رواه 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  ، فندبه إلى الصلاة ما كتب له ، ولم يمنعه عنها إلا في وقت خروج الإمام ، ولهذا قال غير واحد من السلف ، منهم 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب  رضي الله عنه ، وتبعه عليه الإمام 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل   : خروج الإمام يمنع الصلاة وخطبته تمنع الكلام ، فجعلوا المانع من الصلاة خروج الإمام لا انتصاف النهار . 
وأيضا فإن الناس يكونون في المسجد تحت السقوف ، ولا يشعرون بوقت الزوال ، والرجل يكون متشاغلا بالصلاة لا يدري بوقت الزوال ، ولا يمكنه أن يخرج ، ويتخطى رقاب الناس ، وينظر إلى الشمس ويرجع ، ولا يشرع له ذلك . 
وحديث 
أبي قتادة  هذا ، قال 
أبو داود   : هو مرسل لأن 
أبا الخليل  لم يسمع من 
أبي قتادة  ، والمرسل إذا اتصل به عمل ، وعضده قياس ، أو قول صحابي ، أو كان مرسله معروفا باختيار الشيوخ ورغبته عن الرواية عن الضعفاء والمتروكين ونحو ذلك مما يقتضي قوته عمل به . 
وأيضا فقد عضده شواهد أخر منها ما ذكره 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي  في كتابه فقال : روي عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12423إسحاق بن عبد الله  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=15985سعيد بن أبي سعيد  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة  أن النبي صلى الله عليه وسلم ( 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000567نهى عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة  )  
[ ص: 368 ] هكذا رواه رحمه الله في كتاب " اختلاف الحديث " ورواه في " كتاب الجمعة " : حدثنا 
إبراهيم بن محمد  عن 
إسحاق  ، ورواه 
 nindex.php?page=showalam&ids=11994أبو خالد الأحمر  عن شيخ من 
أهل المدينة  يقال له : 
عبد الله بن سعيد المقبري  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم . وقد رواه 
 nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي  في " المعرفة " من حديث 
عطاء بن عجلان  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12179أبي نضرة  ، عن 
أبي سعيد   nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة  قالا : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000568كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة  . ولكن إسناده فيه من لا يحتج به ، قاله 
 nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي  قال : ولكن إذا انضمت هذه الأحاديث إلى حديث 
أبي قتادة  أحدثت بعض القوة . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي   : من شأن الناس التهجير إلى الجمعة والصلاة إلى خروج الإمام ، قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي   : الذي أشار إليه 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي  موجود في الأحاديث الصحيحة ، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم رغب في 
التبكير إلى الجمعة ، وفي الصلاة إلى خروج الإمام من غير استثناء ، وذلك يوافق هذه الأحاديث التي أبيحت فيها 
الصلاة نصف النهار يوم الجمعة ، وروينا الرخصة في ذلك عن عطاء وطاووس والحسن ومكحول . 
قلت : اختلف الناس في كراهة الصلاة نصف النهار على ثلاثة أقوال أحدها : أنه ليس وقت كراهة بحال ، وهو مذهب مالك . 
الثاني : أنه وقت كراهة في يوم الجمعة وغيرها ، وهو مذهب 
 nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة  ، والمشهور من مذهب 
أحمد   . 
والثالث : أنه وقت كراهة إلا يوم الجمعة ، فليس بوقت كراهة ، وهذا مذهب 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي   . 
الثانية عشرة : 
قراءة ( سورة الجمعة ) و ( المنافقين ) أو ( سبح والغاشية ) في صلاة الجمعة ، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بهن في الجمعة ، ذكره 
 nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم  في " صحيحه " .  
[ ص: 369 ] وفيه أيضا : أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ فيها ب ( الجمعة ) و ( 
هل أتاك حديث الغاشية  ) ثبت عنه ذلك كله . 
ولا يستحب أن يقرأ من كل سورة بعضها أو يقرأ إحداهما في الركعتين ، فإنه خلاف السنة ، وجهال الأئمة يداومون على ذلك . 
الثالثة عشرة : أنه يوم عيد متكرر في الأسبوع ، وقد روى 
 nindex.php?page=showalam&ids=13478أبو عبد الله بن ماجه  في " سننه " من حديث 
أبي لبابة بن عبد المنذر  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000569إن يوم الجمعة سيد الأيام ، وأعظمها عند الله ، وهو أعظم عند الله من يوم الأضحى ، ويوم الفطر ، فيه خمس خلال : خلق الله فيه آدم  ، وأهبط فيه آدم  إلى الأرض ، وفيه توفى الله آدم  ، وفيه ساعة لا يسأل الله العبد فيها شيئا إلا أعطاه ، ما لم يسأل حراما ، وفيه تقوم الساعة ، ما من ملك مقرب ، ولا سماء ولا أرض ولا رياح ولا جبال ولا شجر إلا وهن يشفقن من يوم الجمعة  ) . 
الرابعة عشرة : أنه 
يستحب أن يلبس فيه أحسن الثياب التي يقدر عليها ، فقد روى الإمام أحمد في " مسنده " من حديث 
أبي أيوب  قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000570من اغتسل يوم الجمعة ومس من طيب إن كان له ، ولبس من أحسن ثيابه ثم خرج وعليه السكينة حتى يأتي المسجد ، ثم يركع إن بدا له ، ولم يؤذ أحدا ، ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يصلي ، كانت كفارة لما بينهما  ) .  
[ ص: 370 ] وفي " سنن 
أبي داود   " عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام  ، 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000571أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر في يوم الجمعة : ( ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته )  . 
وفي " سنن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه   " عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة  رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم الجمعة ، فرأى عليهم ثياب النمار ، فقال : ( 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000572ما على أحدكم إن وجد سعة أن يتخذ ثوبين لجمعته سوى ثوبي مهنته  ) . 
الخامسة عشرة : أنه يستحب فيه 
تجمير المسجد ، فقد ذكر 
 nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=17212نعيم بن عبد الله المجمر  ، أن 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب  رضي الله عنه أمر أن يجمر مسجد 
المدينة  كل جمعة حين ينتصف النهار  . 
قلت : ولذلك سمي 
 nindex.php?page=showalam&ids=17212نعيم المجمر   . 
السادسة عشرة : أنه لا يجوز السفر في يومها لمن تلزمه الجمعة قبل فعلها بعد دخول وقتها ، وأما قبله فللعلماء ثلاثة أقوال وهي روايات منصوصات عن 
أحمد  ، أحدها : لا يجوز ، والثاني : يجوز ، والثالث : يجوز للجهاد خاصة . 
وأما مذهب 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي  رحمه الله ، فيحرم عنده إنشاء 
السفر يوم الجمعة بعد الزوال ، ولهم في سفر الطاعة وجهان : أحدهما : تحريمه ، وهو اختيار 
النووي  ، والثاني : جوازه وهو اختيار 
الرافعي   .  
[ ص: 371 ] وأما 
السفر قبل الزوال ، فللشافعي فيه قولان : القديم : جوازه ، والجديد أنه كالسفر بعد زوال . 
وأما مذهب 
مالك  ، فقال صاحب " التفريع " : ولا يسافر أحد يوم الجمعة بعد الزوال حتى يصلي الجمعة ، ولا بأس أن يسافر قبل الزوال ، والاختيار : أن لا يسافر إذا طلع الفجر وهو حاضر حتى يصلي الجمعة . 
وذهب 
 nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة  إلى جواز السفر مطلقا ، وقد روى 
 nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني  في " الإفراد " من حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر  رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( 
من سافر من دار إقامته يوم الجمعة دعت عليه الملائكة ألا يصحب في سفره  ) . وهو من حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة   . 
وفي " مسند 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد   " من حديث 
الحكم  عن 
مقسم  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس  قال : ( 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000574بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم  nindex.php?page=showalam&ids=82عبد الله بن رواحة  في سرية ، فوافق ذلك يوم الجمعة ، قال : فغدا أصحابه ، وقال أتخلف وأصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ألحقهم ، فلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم رآه فقال : ما منعك أن تغدو مع أصحابك ؟ فقال : أردت أن أصلي معك ثم ألحقهم ، فقال : " لو أنفقت ما في الأرض ما أدركت فضل غدوتهم "  ) . 
وأعل هذا الحديث بأن 
الحكم  لم يسمع من 
مقسم   .  
[ ص: 372 ] هذا إذا لم يخف المسافر فوت رفقته ، فإن خاف فوت رفقته وانقطاعه بعدهم جاز له السفر مطلقا ، لأن هذا عذر يسقط الجمعة والجماعة . 
ولعل ما روي عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي   - أنه سئل عن مسافر سمع أذان الجمعة وقد أسرج دابته ، فقال ليمض على سفره - محمول على هذا ، وكذلك قول
 nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر  رضي الله عنه : الجمعة لا تحبس عن السفر . 
وإن كان مرادهم جواز السفر مطلقا فهي مسألة نزاع . والدليل : هو الفاصل على أن 
عبد الرزاق  قد روى في " مصنفه " عن 
معمر  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=15804خالد الحذاء  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين  أو غيره ( أن 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب  رأى رجلا عليه ثياب سفر بعد ما قضى الجمعة ، فقال : ما شأنك ؟ قال : أردت سفرا فكرهت أن أخرج حتى أصلي ، فقال عمر : إن الجمعة لا تمنعك السفر ما لم يحضر وقتها  ) فهذا قول من يمنع السفر بعد الزوال ولا يمنع منه قبله . 
وذكره 
عبد الرزاق  أيضا عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13705الأسود بن قيس  ، عن أبيه قال : ( أبصر 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب  رجلا عليه هيئة السفر ، وقال الرجل : إن اليوم يوم جمعة ولولا ذلك لخرجت ، فقال 
عمر   : إن الجمعة لا تحبس مسافرا فاخرج ما لم يحن الرواح  ) . 
وذكر أيضا عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12493ابن أبي ذئب  عن 
صالح بن كثير  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري  قال : ( 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000575خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مسافرا يوم الجمعة ضحى قبل الصلاة  ) . 
وذكر عن 
معمر  قال : سألت 
 nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير   : هل يخرج الرجل يوم الجمعة ؟ فكرهه ، فجعلت أحدثه بالرخصة فيه ، فقال لي : قلما يخرج رجل في  
[ ص: 373 ] يوم الجمعة إلا رأى ما يكرهه ، لو نظرت في ذلك وجدته كذلك  . 
وذكر 
 nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي  عن 
حسان بن أبي عطية  قال : إذا سافر الرجل يوم الجمعة دعا عليه النهار أن لا يعان على حاجته ، ولا يصاحب في سفره  . 
وذكر 
 nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب  ، أنه قال : السفر يوم الجمعة بعد الصلاة  . قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج   : قلت 
لعطاء   : أبلغك أنه كان يقال : إذا أمسى في قرية جامعة من ليلة الجمعة ، فلا يذهب حتى يجمع ؟ قال إن ذلك ليكره . 
قلت : فمن يوم الخميس ؟ قال لا ، ذلك النهار فلا يضره  . 
السابعة عشرة : أن 
للماشي إلى الجمعة بكل خطوة أجر سنة صيامها وقيامها ، قال 
عبد الرزاق   : عن 
معمر  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير  ، عن 
أبي قلابة  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11824أبي الأشعث الصنعاني  ، عن 
أوس بن أوس  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000576من غسل واغتسل يوم الجمعة ، وبكر وابتكر ، ودنا من الإمام فأنصت ، كان له بكل خطوة يخطوها صيام سنة وقيامها وذلك على الله يسير  ) . ورواه 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد  في " مسنده " . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد   : غسل ، بالتشديد : جامع أهله ، وكذلك فسره وكيع . 
الثامنة عشرة : 
أنه يوم تكفير السيئات ، فقد روى 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد  في  
[ ص: 374 ]  " مسنده " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000577عن سلمان  قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أتدري ما يوم الجمعة ؟ " قلت : هو اليوم الذي جمع الله فيه أباكم آدم  قال : " ولكني أدري ما يوم الجمعة ، لا يتطهر الرجل فيحسن طهوره ، ثم يأتي الجمعة فينصت حتى يقضي الإمام صلاته ، إلا كانت كفارة لما بينه وبين الجمعة المقبلة ما اجتنبت المقتلة  . 
وفي " المسند " أيضا من حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=16566عطاء الخراساني  ، عن 
نبيشة الهذلي  ، أنه كان يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000578إن المسلم إذا اغتسل يوم الجمعة ثم أقبل إلى المسجد لا يؤذي أحدا ، فإن لم يجد الإمام خرج ، صلى ما بدا له ، وإن وجد الإمام قد خرج جلس فاستمع وأنصت حتى يقضي الإمام جمعته وكلامه إن لم يغفر له في جمعته تلك ذنوبه كلها ، أن تكون كفارة للجمعة التي تليها  . 
وفي " صحيح 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري   " عن 
سلمان  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000579لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر ، ويدهن من دهنه أو يمس من طيب بيته ، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين ، ثم يصلي ما كتب له ، ثم ينصت إذا تكلم الإمام ، إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى  " . 
وفي " مسند 
أحمد   " من حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء  ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000580من اغتسل يوم الجمعة ثم لبس ثيابه ، ومس طيبا إن كان عنده ، ثم مشى  [ ص: 375 ] إلى الجمعة وعليه السكينة ولم يتخط أحدا ولم يؤذه وركع ما قضي له ، ثم انتظر حتى ينصرف الإمام غفر له ما بين الجمعتين  " . 
التاسعة عشرة : أن 
جهنم تسجر كل يوم إلا يوم الجمعة  . وقد تقدم حديث 
أبي قتادة  في ذلك ، وسر ذلك - والله أعلم - أنه أفضل الأيام عند الله ، ويقع فيه من الطاعات والعبادات والدعوات والابتهال إلى الله سبحانه وتعالى ما يمنع من تسجير جهنم فيه . ولذلك تكون معاصي أهل الإيمان فيه أقل من معاصيهم في غيره ، حتى إن أهل الفجور ليمتنعون فيه مما لا يمتنعون منه في يوم السبت وغيره . 
وهذا الحديث الظاهر منه أن المراد سجر جهنم في الدنيا ، وأنها توقد كل يوم إلا يوم الجمعة ، وأما يوم القيامة فإنه لا يفتر عذابها ، ولا يخفف عن أهلها الذين هم أهلها يوما من الأيام ، ولذلك يدعون الخزنة أن يدعوا ربهم ليخفف عنهم يوما من العذاب ، فلا يجيبونهم إلى ذلك . 
العشرون : أن 
فيه ساعة الإجابة ، وهي الساعة التي لا يسأل الله عبد مسلم فيها شيئا إلا أعطاه ، ففي " الصحيحين " من حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة  رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000581إن في الجمعة لساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه ، وقال : بيده يقللها  " .  
[ ص: 376 ] وفي المسند من حديث 
أبي لبابة بن عبد المنذر  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000582سيد الأيام يوم الجمعة ، وأعظمها عند الله ، وأعظم عند الله من يوم الفطر ، ويوم الأضحى ، وفيه خمس خصال ، خلق الله فيه آدم  ، وأهبط الله فيه آدم  إلى الأرض ، وفيه توفى الله عز وجل آدم  ، وفيه ساعة لا يسأل الله العبد فيها شيئا إلا آتاه الله إياه ما لم يسأل حراما ، وفيه تقوم الساعة ، ما من ملك مقرب ولا أرض ولا رياح ولا بحر ولا جبال ولا شجر إلا وهن يشفقن من يوم الجمعة  .