صفحة جزء
كرم : شجرة العنب ، وهي الحبلة ، ويكره تسميتها كرما ، لما روى مسلم في " صحيحه " عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا يقولن أحدكم للعنب الكرم . الكرم : الرجل المسلم ) . وفي رواية : ( إنما الكرم قلب المؤمن ) وفي أخرى : ( لا تقولوا : الكرم وقولوا : العنب والحبلة ) .

وفي هذا معنيان :

أحدهما : أن العرب كانت تسمي شجرة العنب الكرم لكثرة منافعها وخيرها ، فكره النبي صلى الله عليه وسلم تسميتها باسم يهيج النفوس على محبتها ومحبة ما يتخذ منها من المسكر ، وهو أم الخبائث ، فكره أن يسمى أصله بأحسن الأسماء وأجمعها للخير .

والثاني : أنه من باب قوله : ( ليس الشديد بالصرعة ) . ( وليس المسكين بالطواف ) . أي : أنكم تسمون شجرة العنب كرما لكثرة منافعه ، وقلب المؤمن أو الرجل المسلم أولى بهذا الاسم منه ، فإن المؤمن خير كله [ ص: 339 ] ونفع ، فهو من باب التنبيه والتعريف لما في قلب المؤمن من الخير ، والجود ، والإيمان ، والنور ، والهدى ، والتقوى ، والصفات التي يستحق بها هذا الاسم أكثر من استحقاق الحبلة له .

وبعد : فقوة الحبلة باردة يابسة ، وورقها وعلائقها وعرموشها مبرد في آخر الدرجة الأولى ، وإذا دقت وضمد بها من الصداع سكنته ، ومن الأورام الحارة والتهاب المعدة . وعصارة قضبانه إذا شربت سكنت القيء ، وعقلت البطن ، وكذلك إذا مضغت قلوبها الرطبة . وعصارة ورقها تنفع من قروح الأمعاء ، ونفث الدم وقيئه ، ووجع المعدة ، ودمع شجره الذي يحمل على القضبان ، كالصمغ إذا شرب أخرج الحصاة ، وإذا لطخ به أبرأ القوب والجرب المتقرح وغيره ، وينبغي غسل العضو قبل استعمالها بالماء والنطرون ، وإذا تمسح بها مع الزيت حلق الشعر ورماد قضبانه إذا تضمد به مع الخل ودهن الورد والسذاب ، نفع من الورم العارض في الطحال ، وقوة دهن زهرة الكرم قابضة شبيهة بقوة دهن الورد ، ومنافعها كثيرة قريبة من منافع النخلة .

التالي السابق


الخدمات العلمية