صفحة جزء
فصل في حكمه بين القاتل وولي المقتول

ثبت في " صحيح مسلم " : عنه صلى الله عليه وسلم أن رجلا ادعى على آخر أنه قتل أخاه ، فاعترف ، فقال : " دونك صاحبك " ، فلما ولى ، قال : " إن قتله ، فهو مثله " ، فرجع فقال : إنما أخذته بأمرك ، فقال صلى الله عليه وسلم : " أما تريد أن يبوء بإثمك وإثم صاحبك ؟ " فقال : بلى ، فخلى سبيله .

وفي قوله : " فهو مثله " ، قولان ، أحدهما : أن القاتل إذا قيد منه ، سقط ما عليه ، فصار هو والمستقيد بمنزلة واحدة ، وهو لم يقل : إنه بمنزلته قبل القتل ، وإنما قال : إن قتله فهو مثله ، وهذا يقتضي المماثلة بعد قتله ، فلا إشكال في الحديث ، وإنما فيه التعريض لصاحب الحق بترك القود والعفو .

والثاني : أنه إن كان لم يرد قتل أخيه فقتله به ، فهو متعد مثله إذ كان القاتل متعديا بالجناية ، والمقتص متعد بقتل من لم يتعمد القتل ، ويدل على هذا التأويل ما روى الإمام أحمد في " مسنده " : من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قتل رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدفعه إلى ولي المقتول ، فقال القاتل : يا رسول الله! ما أردت قتله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للولي : [ ص: 8 ] " أما إنه إذا كان صادقا ، ثم قتلته دخلت النار " ، فخلى سبيله . وفي كتاب ابن حبيب في هذا الحديث زيادة ، وهي : قال النبي صلى الله عليه وسلم : عمد يد ، وخطأ قلب .

التالي السابق


الخدمات العلمية