صفحة جزء
فصل

وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الحامل إذا قتلت عمدا لا تقتل حتى تضع ما في بطنها وحتى تكفل ولدها . ذكره ابن ماجه في " سننه " .

[ ص: 21 ] وقضى أن لا يقتل الوالد بالولد . ذكره النسائي وأحمد .

وقضى أن المؤمنين تتكافأ دماؤهم ، ولا يقتل مؤمن بكافر .

[ ص: 22 ] وقضى أن من قتل له قتيل ، فأهله بين خيرتين ، إما أن يقتلوا أو يأخذوا العقل .

وقضى أن في دية الأصابع من اليدين والرجلين في كل واحدة عشرا من الإبل . وقضى في الأسنان في كل سن بخمس من الإبل ، وأنها كلها سواء ، وقضى في المواضح بخمس خمس .

وقضى في العين السادة لمكانها إذا طمست بثلث ديتها ، وفي اليد الشلاء إذا قطعت بثلث ديتها ، وفي السن السوداء إذا نزعت بثلث ديتها .

[ ص: 23 ] وقضى في الأنف إذا جدع كله بالدية كاملة ، وإذا جدعت أرنبته بنصف الدية .

وقضى في المأمومة بثلث الدية ، وفي الجائفة بثلثها ، وفي المنقلة بخمسة عشر من الإبل . وقضى في اللسان بالدية ، وفي الشفتين بالدية ، وفي البيضتين بالدية ، وفي الذكر بالدية ، وفي الصلب بالدية ، وفي العينين بالدية ، وفي إحداهما بنصفها ، وفي الرجل الواحدة بنصف الدية ، وفي اليد بنصف الدية ، وقضى أن الرجل يقتل بالمرأة .

وقضى أن دية الخطأ على العاقلة مائة من الإبل ، واختلفت الرواية عنه في أسنانها ، ففي السنن الأربعة عنه من حديث عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده : ثلاثون بنت مخاض ، وثلاثون بنت لبون ، وثلاثون حقة ، وعشرة بني لبون ذكر .

[ ص: 24 ] قال الخطابي : ولا أعلم أحدا من الفقهاء قال بهذا .

وفيها أيضا من حديث ابن مسعود : أنها أخماس : عشرون بنت مخاض ، وعشرون بنت لبون ، وعشرون ابن مخاض ، وعشرون حقة ، وعشرون جذعة .

وقضى في العمد إذا رضوا بالدية ثلاثين حقة ، وثلاثين جذعة ، وأربعين خلفة ، وما صولحوا عليه ، فهو لهم .

فذهب أحمد وأبو حنيفة إلى القول بحديث ابن مسعود رضي الله عنهما ، وجعل الشافعي ومالك بدل ابن مخاض ابن لبون ، وليس في واحد من الحديثين .

وفرضها النبي صلى الله عليه وسلم على أهل الإبل مائة من الإبل ، وعلى أهل البقر مائتي بقرة ، وعلى أهل الشاء ألفي شاة ، وعلى أهل الحلل مائتي حلة .

وقال عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم جعلها ثمانمائة دينار ، أو ثمانمائة آلاف درهم ، ذكر أهل السنن الأربعة من حديث عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن رجلا قتل ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ديته اثني [ ص: 25 ] عشر ألفا .

وثبت عن عمر أنه خطب فقال : إن الإبل قد غلت ، ففرضها على أهل الذهب ألف دينار ، وعلى أهل الورق اثني عشر ألفا ، وعلى أهل البقر مائتي بقرة ، وعلى أهل الشاء ألفي شاة ، وعلى أهل الحلل مائتي حلة ، وترك دية أهل الذمة ، فلم يرفعها فيما رفع من الدية .

وقد روى أهل السنن الأربعة عنه صلى الله عليه وسلم : ( دية المعاهد نصف دية الحر ) .

ولفظ ابن ماجه : " قضى أن عقل أهل الكتابين نصف عقل المسلمين ، وهم اليهود والنصارى " .

واختلف الفقهاء في ذلك ، فقال مالك : ديتهم نصف دية المسلمين في الخطأ والعمد ، وقال الشافعي : ثلثها في الخطأ والعمد . وقال أبو حنيفة : بل كدية المسلم في الخطأ والعمد . وقال الإمام أحمد : مثل دية المسلم في العمد . وعنه في الخطأ روايتان ، إحداهما : نصف الدية ، وهي ظاهر مذهبه . والثانية : ثلثها ، [ ص: 26 ] فأخذ مالك بظاهر حديث عمرو بن شعيب ، وأخذ الشافعي بأن عمر جعل ديته أربعة آلاف ، وهي ثلث دية المسلم ، وأخذ أحمد بحديث عمرو إلا أنه في العمد ضعف الدية عقوبة لأجل سقوط القصاص ، وهكذا عنده من سقط عنه القصاص ، ضعفت عليه الدية عقوبة ، نص عليه توقيفا ، وأخذ أبو حنيفة بما هو أصله من جريان القصاص بينهما ، فتتساوى ديتهما .

وقضى صلى الله عليه وسلم أن عقل المرأة مثل عقل الرجل إلى الثلث من ديتها ، ذكره النسائي . فتصير على النصف من ديته ، وقضى بالدية على العاقلة ، وبرأ منها الزوج ، وولد المرأة القاتلة .

وقضى في المكاتب أنه إذا قتل يودى بقدر ما أدى من كتابته دية الحر ، وما بقي فدية المملوك ، قلت : يعني قيمته . وقضى بهذا القضاء علي بن أبي طالب ، وإبراهيم النخعي ، ويذكر رواية عن أحمد ، وقال عمر : إذا أدى شطر كتابته كان غريما ، ولا يرجع رقيقا ، وبه قضى عبد الملك بن مروان . وقال ابن مسعود : إذا أدى الثلث ، وقال عطاء : إذا أدى ثلاثة أرباع الكتابة ، فهو غريم ، والمقصود : أن هذا القضاء النبوي لم تجمع الأمة على تركه ، ولم يعلم نسخه .

وأما حديث ( المكاتب عبد ما بقي عليه درهم ) فلا معارضة بينه وبين هذا القضاء ، فإنه في الرق بعد ، ولا تحصل حريته التامة إلا بالأداء .

التالي السابق


الخدمات العلمية