فصل 
وحكم في 
الأمة إذا زنت ولم تحصن بالجلد . وأما قوله تعالى في الإماء : ( 
فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب  ) [ النساء : 25 ] ، فهو نص في أن حدها بعد التزويج نصف حد الحرة من الجلد ، وأما قبل التزويج فأمر بجلدها .
وفي هذا الجلد قولان : 
أحدهما : أنه الحد ، ولكن يختلف الحال قبل التزويج وبعده ، فإن للسيد إقامته قبله ، وأما بعده ، فلا يقيمه إلا الإمام . 
والقول الثاني : أن جلدها قبل الإحصان تعزير لا حد ، ولا يبطل هذا ما رواه 
 nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم  في " صحيحه " : من حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة  رضي الله عنه يرفعه : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16003113إذا زنت أمة أحدكم ، فليجلدها ولا يعيرها ثلاث مرات ، فإن عادت في الرابعة فليجلدها وليبعها ولو بضفير ، وفي لفظ : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16003114فليضربها كتاب الله  .  
[ ص: 40 ] وفي " صحيحه " أيضا : من حديث 
علي  رضي الله عنه أنه قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16003115أيها الناس أقيموا على أرقائكم الحد ، من أحصن منهن ، ومن لم يحصن ، فإن أمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم زنت ، فأمرني أن أجلدها ، فإذا هي حديثة عهد بنفاس ، فخشيت إن أنا جلدتها أن أقتلها ، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " أحسنت "  . 
فإن التعزير يدخل تحته لفظ الحد في لسان الشارع ، كما في قوله صلى الله عليه وسلم : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16003116لا يضرب فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله تعالى  . 
وقد ثبت التعزير بالزيادة على العشرة جنسا وقدرا في مواضع عديدة لم يثبت نسخها ، ولم تجمع الأمة على خلافها . 
وعلى كل حال ، فلا بد أن يخالف حالها بعد الإحصان حالها قبله ، وإلا لم يكن للتقييد فائدة ، فإما أن يقال قبل الإحصان : لا حد عليها ، والسنة الصحيحة تبطل ذلك ، وإما أن يقال : حدها قبل الإحصان حد الحرة ، وبعده نصفه ، وهذا باطل قطعا مخالف لقواعد الشرع وأصوله ، وإما أن يقال : جلدها قبل الإحصان تعزير ، وبعده حد ، وهذا أقوى ، وإما أن يقال : الافتراق بين الحالتين في إقامة الحد لا في قدره ، وأنه في إحدى الحالتين للسيد ، وفي الأخرى للإمام ، وهذا أقرب ما يقال . 
وقد يقال : إن تنصيصه على التنصيف بعد الإحصان لئلا يتوهم متوهم أن بالإحصان يزول التنصيف ، ويصير حدها حد الحرة ، كما أن الجلد زال عن البكر بالإحصان ، وانتقل إلى الرجم ، فبقي على التنصيف في أكمل حالتيها ، وهي  
[ ص: 41 ] الإحصان تنبيها على أنه إذا اكتفي به فيها ، ففيما قبل الإحصان أولى وأحرى ، والله أعلم . 
وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في 
مريض زنى ولم يحتمل إقامة الحد ، بأن يؤخذ له عثكال فيه مائة شمراخ ، فيضرب بها ضربة واحدة .