صفحة جزء
واختلف الناس في أكل المحرم لحم الصيد الذي صاده الحلال وذكاه على ثلاثة أقوال :

فقالت طائفة من السلف : هو حرام ، اتباعا لما فهموه من قوله تعالى : ( وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما ) [المائدة : 96 ] . ولما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من أنه رد لحم الصيد لما أهدي إليه .

وقال آخرون ، منهم أبو حنيفة : بل هو مباح مطلقا ، عملا بحديث أبي قتادة لما صاد الحمار الوحشي ، وأهدى لحمه للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأخبره بأنه لم يصده له ، كما جاء في الأحاديث الصحيحة .

وقالت الطائفة الثالثة التي فيها فقهاء الحديث : بل هو مباح للمحرم إذا لم يصده له المحرم ، ولا ذبحه من أجله ، توفيقا بين الأحاديث ، كما روى جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : لحم صيد البر لكم حلال وأنتم حرم ، [ ص: 153 ] ما لم تصيدوه أو يصد لكم . قال الشافعي : هذا أحسن حديث في هذا الباب وأقيس . وهذا مذهب مالك وأحمد والشافعي وغيرهم .

وإنما اختلفوا إذا صيد لمحرم بعينه ، فهل يباح لغيره من المحرمين ؟ على قولين هما وجهان في مذهب أحمد - رحمه الله تعالى - .

التالي السابق


الخدمات العلمية