صفحة جزء
ولما احتاج الناس إلى العرايا رخص في بيعها بالخرص . فلم يجوز المفاضلة المتيقنة ، بل سوغ المساواة بالخرص في القليل الذي تدعو إليه الحاجة ، وهو قدر النصاب خمسة أوسق ، أو ما دون النصاب ، على اختلاف القولين للشافعي وأحمد ، وإن كان المشهور عن أحمد ما دون النصاب .

إذا تبين ذلك فأصول مالك في البيوع أجود من أصول غيره ، [ ص: 173 ] فإنه أخذ ذلك عن سعيد بن المسيب الذي كان يقال : هو أفقه الناس في البيوع ، كما كان يقال : عطاء أفقه الناس في المناسك ، وإبراهيم أفقههم في الصلاة ، والحسن أجمع لذلك كله ؛ ولهذا وافق أحمد كل واحد من التابعين في أغلب ما فضل فيه لمن استقرأ ذلك في أجوبته ؛ ولهذا كان أحمد موافقا له في الأغلب ، فإنهما يحرمان الربا ويشددان فيه حق التشديد ، لما تقدم من شدة تحريمه وعظم مفسدته ، ويمنعان الاحتيال له بكل طريق ، حتى يمنعا الذريعة المفضية إليه وإن لم تكن حيلة ، وإن كان مالك يبلغ في سد الذرائع [ما لا يختلف ] قول أحمد فيه ، أو لا يقوله ، لكنه يوافقه بلا خلاف عنه على منع الحيل كلها .

التالي السابق


الخدمات العلمية